dimanche 24 juillet 2011 by محمد الرزوقي
تاريخ الأمازيغ المنسي: دهيا الأمازيغية: رفضت الخضوع لأطماع الفاتحين العرب، فسموها غيضا بحارقة البيوت ورموها بامتهان الشعوذة وشككوا في أصلها

بعد موت الزعيم كسيلة، قامت بجبال الأوراس شوكة ملكة اسمها دهيا البربرية (Dahiya) الملقبة بالكاهنة.‏ يقول ابن خلدون: كانت زنانة أعظم قبائل البربر وأكثرها جموعاً وبطوناً وكان موطن جراوة منهم بجبل أوراس وهم ولد كراو بن الديرت بن جانا‏.‏ وكانت رياستهم للكاهنة دهيا بنت تابنة بن نيقان بن باورا بن مصكسري بن أفرد بن وصيلا بن جراو. .
وقد تنازعت الأقوام اسم هذه الزعيمة الشجاعة، لحد أن بعض الكتاب اليهود سموها ديبورا وهو اسم يهودي معروف أو كهينا نسبة إلى اسم الكوهن، أما الكتاب العرب فسيلصقون بها جميع الصفات المحطة بالإنسان بسبب مواجهتها للفاتحين المسلمين وعدم قبولها بالتسليم في أراضي البربر لصالح هؤلاء الغزاة القادمون من الشرق.
ويضيف ابن خلدون: قال هاني بن بكور الضريسي‏:‏ ملكت عليهم (أي دهيا) خمساً وثلاثين سنة وعاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة‏. ‏وكان قتل عقبة بن نافع في البسيط قبلة جبل أوراس بإغرائها برابرة تهودا عليه وكان المسلمون يعرفون ذلك منها‏. فلما انقضى جمع البربر وقتل كسيلة زحفوا إلى هذه الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس وقد ضوي إليها بنو يفرن ومن كان بإفريقية من قبائل زناتة وسائر البتر فلقيتهم بالبسيط أمام جبلها‏.‏ وانهزم المسلمون واتبعت آثارهم في جموعها حتى أخرجتهم من إفريقية. .
دهيا خلفت كسيلة البربري بعد موته في زعامة البربر الأحرار. دهيا، فارسة البربر التي لم يأت بمثلها زمان، كانت تركب فرسا وتسعى بين القوم من طنجة إلى طرابلس، تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها إمازيغن... دهيا كانت تتنبأ بالغيب وسط قومها البربر الرافضين لسلطة الغزاة العرب. دهيا واجهت الفتح الإسلامي بعد أن ملكت جبال الأوراس وتزعمت أمر دولتها بقبضة من حديد. كانت امرأة قوية الشكيمة، تولت زمام الحكم بحكمة وحزم قل نظيرهما في التاريخ.
نعم، بعد مقتل كسيلة كبير قبيلة أوربة الأمازيغية على يد الفاتحين المسلمين، زحف هؤلاء إلى مملكتها، وكانت قبائل أمازيغية كثيرة ساندتها في مقاومة الغزو الإسلامي أهمها قبائل بنو يفرن. وقد صمدت في وجه جيوش المسلمين وتمكنت من هزمهم وطاردتهم إلى أن أخرجتهم من إفريقية، أي تونس الحالية. ومما تداوله بعض الكتاب العرب عن دهيا لتشويه صورتها أنها كانت تمارس السحر والشعوذة، ويزعمون أنها قتلت والدها الملك واثنين من إخوتها لتستولي على الحكم. وهناك من يقول إنها تهودت قبل دخول الإسلام، كما روج عنها أنها تكره البربر البرنس كرها شديدا، وكانت ترسل جيوشها من حين لآخر لإبادتهم، وإبادة غيرها من النساء الزعيمات في بلاد البربر الشاسعة. وكل هذا تحميض للكلام، لما رأى العرب عندها من قوة وشجاعة وما كان يخصها به البربر الرجال من احترام بلغ أوجه حين جعلوها ملكة عليهم.
وقد جاء في كتاب تاريخ ابن خلدون أن حسان بن النعمان الذي أرسله الأمويون على رأس مجموعة من الجنود، قال: دلوني على أعظم من بقي من ملوك إفريقية، فدلوه على دهيا. وقد اجتمع حولها البربر بعد قتل كسيلة، فسأل أهل إفريقية عنها فعظموا محلها وقالوا له: إن قتلتها لم تختلف البربر بعدها عليك. فسار إليها، فلما قاربها هدمت حصن بغاية ظناً منها أنه يريد الحصن، فلم يعرج حسان على ذلك وسار إليها، فالتقوا على نهر نيني واقتتلوا أشد قتال رآه الناس واستبسلت دهيا أيما استبسال، فانهزم المسلمون وقتل منهم خلق كثير، وأسر جماعة كثيرة أطلقتهم الكاهنة سوى خالد بن يزيد القيسي، الذي اتخذته ولداً بعد أن أرضعته من حليب ثديها. وقد أورد ابن الرفيق وصفا عجيبا تبناه المؤرخون بعده، وبدون أدنى اعتراض، قال: "وأن الكاهنة قالت لخالد: "ما رأيت في الرجال أجمل منك، ولا أشجع، وأنا أريد أن أرضعك، فتكون أخا لولدي"، فقال لها وكيف يكون ذلك، وقد ذهب الرضاع منك، فقالت: "إنا جماعة البربر لنا رضاع إذا فعلناه تتوارث به، فعمدت إلى دقيق الشعير، فتلته بزيت، وجعلته على ثدييها، ودعت ولديها، وقالت لهما كلا معه على ثديي، وقالت لهم: إنكم قد صرتم إخوة".
أرسل حسان بكتاب يحمله رسول منه سراً إلى خالد بن يزيد القيسي لما كان عند الملكة دهيا يستعلم منه الأمور، فكتب إليه خالد جوابه في رقعة يعرفه تفرق البربر ويأمره بالسرعة، وجعل الرقعة في رغيف، وعاد الرسول، فخرجت الملكة دهيا ناشرةً شعرها تولول وتقول: ذهب ملكهم فيما يأكل الناس يا أهل بربر . فطلب الرسول فلم يوجد، فوصل إلى حسان وقد احترق الكتاب بالنار، فعاد إلى خالد وكتب إليه بما كتب أولاً وأودعه قربوس السرج. فسار حسان، فلما علمت ملكة البربر بمسيره إليها، قالت: إن العرب يريدون البلاد والذهب والفضة، ونحن إنما نريد المزارع والمراعي، ولا أرى إلا أن أخرب إفريقيا حتى ييأسوا منها. وفرقت أصحابها ليخربوا البلاد، فخربوها وهدموا الحصون. ومن ثم يصفها المتطفلون على الكتابة والعنصريون بحارقة البيوت دون معرفة ملابسات ذلك. ومن المؤسف له أن يردد البعض أن حرق الزعيمة العسكرية الثائرة دهيا لبيوت البربر ومزارعهم كان ينبع من تسلطها وطغيانها وتعسفها اتجاه قومها، محاولين بذلك الترويج بأن الملوك والملكات الذين عرفهم الأمازيغ، ملوك التخريب وليس ملوك الإعمار. مع أن ما ينسبه هؤلاء من تخريب" إلى الملكة دهيا كان في الحقيقة جزء من خطة حربية ضد الغزاة العرب، أي خطة سياسة الأرض المحروقة، والتي لجأت إليها ونفذتها لما علمت أن العرب جاءوا من أجل الاستيلاء على خيرات شمال أفريقيا.
علمت الملكة دهيا أن المد والزحف الإسلامي لن يقف عند تخريب الأراضي وتيقنت أن الأمر أكبر من ذلك. وإن ذلك لواضح عندما سألت أبنائها: ماذا ترون في السماء؟ قالوا: نرى سحابا أحمرا. فقالت: بل هذا وهج خيول العرب. علمت بفطنتها أن العرب لم ولن يتوقفوا إلا بعد أن يبيدوا هذه الثورة من الوجود وأنهم وجدوا فيها ثورة تقوم على رأسها امرأة شجاعة، وهذا ما استفز العرب فلقد رأوها تمنع أمراً أو تعيقهم عن امتلاك أرض البربر. ثم أحضرت ولديها وخالد بن يزيد القيسي أخوهم في الرضاع وقالت لهم: إنني مقتولة لا محالة فامضوا إلى حسان وخذوا لأنفسكم منه أماناً، فإنني أرى أن أحد ولدي سينصر به المسلمون. فساروا إليه وبقوا معه.
انتظر حسّان بن النعمان، الذي كان يتولى قيادة جيوش الغزو الإسلامي، ثم هاجمها مجدداً بعدما أُرسلت إليه الإمدادات العسكرية. التقى الجمعان واقتتلا واشتد القتال وكثر القتل حتى ظن الناس أنه الفناء، ثم انتصر المسلمون وانهزم البربر وقتلوا قتلاً ذريعاً، وانهزمت ملكة البربر دهيا، ثم أدركت فقتلت عام 74هـ.
هل صدقت نبوءة دهيا الأمازيغية بانتصار المسلمين على يد أحد أبنائها؟
ربما يكون ابنها الأكبر هو المقصود أو تقصد بابنها رجل من البربر والسلام، فالمعروف أن ابنيها تقدما جيوش المسلمين بعد أن عفا عنهما بن النعمان إثر أسرهما واعتبارهما موالي. قادا الجيوش ليفتحا البلاد ويخضعا الثائرين من بزنطيين وبربر متمردين. ولربما يكون طارق بن زياد هو من يجسد نبوءة دهيا البربرية عندما سار من طنجة إلى الأندلس على رأس جيش يقدر بمئات الآلاف أغلبهم بربر. وهكذا نشر المسلمون الإسلام في بلاد البربر على يد البربر أنفسهم، كما عوضت اللغة العربية اللغتين اللاتنية والإغريقية من طرابلس إلى طنجة، لكن اللغة الأمازيغية، كما تقاليد البربر، ظلت قائمة إلى اليوم.
في مقطع مسرحي من مؤلفه حرب الألفيتين ( La guerre de deux mille ans)، يقول الكاتب الجزائري كاتب ياسين: تقول دهيا للبربر البدويين: "يدعونني الكاهنة، وأنتم البربر، مثلما كان الرومان يلقبون أجدادنا برابرة. نحن في هذه الأرض نحارب البربرية. على أية حال، وداعا يا تجار العبيد، سأترك التاريخ في قلب أطفالي وأحفادي، وسأترك الأمازيغية في قلب شمال إفريقيا
.
by محمد الرزوقي
يبقى كتاب أبوليوس المهم طبعا هو التحول أو الحمار الذهبي الذي ظهر في أحد عشر جزءا. ‏إنها رواية طويلة تحكى بصيغة المتكلم بطلها لوكيوس، وهو شاب يسكنه الفضول. خلال سفر الشاب ‏لوسيوس، الذي ينتمي لعائلة ميسورة، إلى هيباتا، اكترى غرفة عند ساحرة تسمى فوتيس. بعد ذلك ‏سيدخل في علاقات عاطفية مع خادمتها، ثم سيحاول الإمساك بخيوط معرفتها السحرية. وفي الليل‎ ‎هاجمه ‏ثلاثة لصوص ولم يكن له مفر من مصارعتهم، وتمكن منهم فقضى عليهم جميعهم. قبض‎ ‎عليه وسجن ‏بتهمة القتل. لكن في المحكمة، عندما أحضرت الجثث لإثبات الجريمة، تبين أنه لم‎ ‎يكن هناك جثث، بل ‏كانت ثلاث قرب مملوءة بالهواء. أطلق سراح الشاب لعدم حدوث جريمة‎ ‎القتل أساسا، على الرغم من أنه ‏هو القاتل.‏
أدرك البطل أن الساحرة علمت بوجوده ورغبت‎ ‎في التحرش به، من هنا ازدادت رغبته في معرفة ‏أعمال هذه الساحرة. بمساعدة الخاد‎ ‎مة وصل إلى بيت الساحرة ورأى بنفسه كيف دهنت نفسها بدهان ‏تحولت بعده‎ ‎إلى بومة، وطارت أمام عينه إلى السماء وهو يشاهدها... ‏
ازداد حب الاستطلاع عند لوسيوس ورغب في تجربة الدهان بنفسه، وطلب من الخادمة أن تسمح له ‏بأن تأتيه بالوعاء ليدهن‎ ‎نفسه به. كذلك كان واستجابت الخادمة لطلبه وأعطته علبة الدهان. لكنها أخطأت ‏في إحضار العلبة الخاصة بالطيور، وأعطته الدهان الذي‎ ‎حوله إلى حمار، وهنا تبدأ رحلة السخرية التي ‏استفاد منها الكاتب لينقل أفكاره، فقد تحول هذا الإنسان بشكله إلى حمار، ولكن عقله بقي عقل إنسان ‏مفكرر. بعد هذه الحادثة الغير نتوقعة، وعدته‎ ‎الخادمة بأنها ستحضر له الدواء المضاد وهو عشب الورد ‏الذي سيعيده إلى وضعه‎ ‎الإنساني، وطلبت منه أن يبقى في الإسطبل حتى تحضر له المطلوب، وهنا يأتي ‏اللصوص ويسرقونه مع بقية الخيل وتبدأ رحلة المشاكل...‏
في رحلته الأولى مع اللصوص، يكون لوسيوس (الحمار)‏‎ ‎شاهدا على عملية اختطاف إحدى العرائس ‏التي سيقع في حبها، وكان يعاملها معاملة خاصة‎ ‎قدرتها له، ولكن حياته بقيت معروفة بأنه حمار، ويقوم ‏بأعمال الحممير، فهو يتمنى أن‎ ‎يحمل الحبيبة إلى أي مكان، ولكن أصحاب الإسطبل يفضلون عمله على ‏رحى طحن أو‎ ‎حمل الحطب أو نقل الأمتعة...‏
هكذا يجد البطل لوسيوس نفسه فجأة وقد تحول إلى حمار نتيجة مخدر سحري صنعته الساحرة‎ ‎بامفيلي، ‏و كي يسترجع آدميته كان عليه كما أسلفنا أن يتناول وردة، لكن لسوء‏‎ ‎حظه (ليجد ابوليوس فسحة اكبر ‏للتعبير) قيده مجموعة من اللصوص في مكان بعيد عن‎ ‎الورود و هكذا ستنشبك أحداث الرواية. ‏
سيهرب الحمار (لوسيوس) ليصبح مطية لعدد من القراصنة، ثم عدد من العبيد الفارين، ثم عدد من ‏الكهنة القادمين من سوريا، ثم طحان، فسباخ، فعسكري، فعبدين، فحلواني وطباخين أخوين، ثم سيدهما. ‏وبما أن الحمار هو الذي يحكي وقد حافظ على قوة ملاحظته وفكره النقدي كإنسان، فإن الكاتب يقدم لنا، ‏من الداخل، كل الأنشطة والأمور التي تشغل الأوساط المختلفة التي اتصل بها في المجتمع الأمازيغي ‏والروماني. ‏
يبقى فكر لوسيوس فكر إنسان، فكانت هذه هي الرابطة التي تربطه ببني جنسه الأصلي،‎ ‎ومنها أيضا ‏ارتفع حب أصحابه له. وقد كانت مشكلته الكبيرة هي في الأكل فهو لا يأكل أكل‎ ‎الحمير. لذا أحبه ‏أصحابه لأنه حمار صاحب ذوق، فهو لا يأكل الأعشاب ولكنه‏‎ ‎يأكل الخبر، فعلموا أنه حيوان نادر فعلموه ‏بعض الألعاب فأجادها،‎ ‎وجعلوه يقوم برقصات وألعاب على المسارح... ‏
تمكن الحمار (لوسيوس) من الهرب ليصل إلى الشاطئ، وغسل‎ ‎بدنه سبع مرات وطلب من الآلهة أن ‏تحرره من شكله الحيواني... وهنا وصل موكب عظيم‎ ‎لتقديس الآلهة يحمل أعشاب الورد، فقفز إليها ‏وأكل منها، وعاد إلى هيئة الأولى‎ ‎كإنسان.‏
تحول لوسيوس إلى حمار في الكتاب الثالث من الأجزاء الإحدى عشر، وظل كذلك يحكي إلى أن ‏وصل الكتاب الأخير الذي سيتمكن فيه من التحول بالخلف مرة أخرى إلى إنسان بعد أن أكل الوردة ‏العجيبة وحصل على العفو بمساعدة الإلهة إزيس. ‏
أهدى أبولي نهاية سعيدة على شرف إيزيس، إذ في‏‎ ‎موكب الاحتفال بالإلهة الفرعونية سيأكل الوردة ‏الرمز ويسترد آدميته. والنص في‎ ‎جوهره يبدو و كأنه احتفاء و تبجيل لديانة القرطاجيين الذين كانوا ‏يعبدون إيزيس إلى‎ ‎جانب فينوس.‏
هذا الكتاب ليست قصة واحدة بل قصص منوعة وعديدة،‎ ‎وكل منها مستقلة بذاتها، ولكنها كلها في ‏رواية واحدة. وهذا الكتاب مقسم إلى أحد عشر باباً، كل‎ ‎واحد من هذه الأبواب هو امتداد للرواية، وهو ‏في الوقت نفسه رواية في قلب رواية مثل‏‎ ‎قصة العقاب البشع، وقصة العاشق المتخفي، وقصة التنين، ‏وقصة الطحان... وغيرها من‎ ‎القصص المتناثرة على صفحات هذه الرواية الرائعة.‏
و حين يحس أبولي‎ ‎بالظمأ الفني سيستجدي الميتولوجيا، إذ تضم أحد المقاطع التي عُدت من طرف ‏النقاد من الأهمية بمكان حكاية بسيكي-ربة الروح- حين‎ ‎واجهت الوحش -رمز الغرور والنرجسية- ‏عقابا على جمالها الأخاذ وحاولت قتله بناء على‎ ‎نصيحة أخواتها اللواتي يكرهنها لأنها أجمل منهن. و في ‏خضم مغامرتها ستسقط بفعل‎ ‎ذهولها قطرة من زيت الفانوس الحامي على كتف إيروس فيطردها الأخير. ‏و بناء على نصيحة‎ ‎فينوز كي تلتقي به ستنجز بعض الأعمال من بينها النزول إلى الجحيم لتتزوج ‏بإيروس في النهاية.‏
الرواية فيها انزياحات تنحرف عن الحكاية الرئيسية لتحكي قصصا قصيرة أخرى كقصة الحب والنفس ‏مثلا ضمن الرواية الطويلة. ومن ثم فإن رواية التحول هي أيضا مجموعة قصصية تحكي عن خادم مسنة ‏في مغارة القراصنة، وعن فتاة تحب الجن، وعن الإلهة إزيس التي تستحود على فكر أبوليوس. كل ذلك ‏في أسلوب يتراوح بين الديني والأسطوري والميتافيزيقي والخرافي، تغلفه نغمة حزينة يتزاوج فيها العنف ‏بالسادية.‏
يحدث كل ذلك والكاتب الكبير أبوليوس الأمازيغي يبرع في استحضار الخيال المدهش والأسطورة ‏ليروي لنا قصة امتنع حتى الآن عن النقاد التوصل إلى الإمساك بجميع تفاصيلها وخيوطها، فهو ينتقد ‏الوضع السياسي بروما مستحضرا كل ما يخالج الفرد من تنائيات: الحب والكره، التضحية والخيانة، ‏الوفاء والغدر، الفضيلة والرذيلة، الاحترام والتطاول، الدراما والكوميديا، الإيمان والتحرر... كما يجمع ‏أبوليوس في روايته بين شخصيات متناقضة أيضا: الغني والفقير، القرصان والفلاح، العسكري والتاجر، ‏الغانية والمتعففة، الساحرة والمؤمنة... إنها رواية تبحث عن حقيقة الأشياء عبر النظر إليها من زوايا ‏مختلفة (لوكيوس الإنسان ولوكيوس المتخفي في دور الحمار). لم يكن التحول أبديا، بل إنه عبارة عن ‏تحول-قضية قابل للعودة إلى نقطة البدء (إنسان-حمار-إنسان) بعد تسجيل الملاحظات على حين غرة ‏وفي غفلة من الآخرين الذين لا ينتبهون للحمار. لكنه ليس حمارا عاديا، بل هو حمار في الشكل فقط ‏يحتفظ بقوة الملاحظة. ‏
لماذا التحول إلى حمار وليس إلى حيوان آخر؟ ‏
لأن الحمار في الثقافة الأمازيغية ينعث بالبلادة، لكن أيضا بالمكر. وبخصوص ذكاء الحمار أبوليوس ‏نقرأ في الرواية: وقد تنبأ الحمار الآخر بقصدي وسبقني إليه، فتصنع فجأة التعب وهوى بكل ثقل جثته ‏وظل ممددا على الأرض كما لو أنه جثة هامدة، فلا الضرب بالعصا التي انهالت عليه، ولا الوخز ‏بالقضيب، ولا الجدب والشد الذي تعرض له عنقه وقوائمه، كل هذا لم يفلح في رفعه من على الأرض. ‏وحين تعب السرقة من أمره ولم يعد لديهم أمل في تحركه... تشاوروا، لتنتهي بهم المشورة إلى حز ‏ساقيه بالسيف وجره بعيدا عن الطريق، وهو لازال يتنفس، ثم رميه من فوق تلة عالية جدا حتى لا ‏يعطلهم عن الهرب... حين فكرت أنا فيما آل إليه الحمار صديقي، قررت أن أتراجع عما كان في نفسي ‏من مكر ومضيت أخدم أصحابي السارقين بكل وفاء وإخلاص... . ‏
وعن الغراب الذي يعتبره البربر فأل شؤم وإنذارا بالموت وإشارة إلى الشيخوخة والذمامة، نقرأ في ‏الرواية: أي طائر أجمل ومحبب إلى المرأة أكثر من الغراب. ألا نقوم باصطياد هذا الطير ليلا متى ‏دخل البيوت لندقه بالمسامير على الباب حتى نطرد بتعذيبه ذاك الكارثة التي كان سيستجلبها وهو يطير ‏محلقا من حولنا في الفضاء؟ . ‏
ونقرأ أيضا في الرواية عن البئر التي تعد رمزا للإنتحار: وجهت غضبها ضد سلالتها، إذ أنها ستدير ‏حول جسدها حبلا وتشد إليها بنفس الحبل رضيعها الذي أنجبته للتو من زوجها، ثم سترمي بنفسها في ‏البئر العميقة .‏
كما نقرأ عن الحلم في الرواية: لا ترهبنك صور الأحلام الزائفة، إذ لا تعد أحلام النهار وحدها كاذبة، ‏بل إن أحلام الليل تشير في الغالب إلى عكس ما تذهب إليه ظاهريا. وبالتالي، فإن البكاء، أو تلقي ‏اللكمات، أو حتى التعرض للذبح في بعض الأحيان، ينبئ بربح أو حدوث أمور سعيدة. وبالعكس، فإن ‏الضحك، أو ملأ البطن بالحلوى أو أي شيئ حلو جميل، أو الاجتماع بفرد لتذوق اللذة الجسدية يعني أن ‏الحزن أوالمرض أو أشياء أخرى عصيبة هي لنا بالمرصاد... .
by محمد الرزوقي

إذا كان التقويم الميلادي قد ابتدأ مع ميلاد المسيح عليه السلام، والتقويم الهجري قد ابتدأ مع هجرة الرسول (ص) من مكة إلى المدينة، فإن التقويم الأمازيغي قد ابتدأ مع حدث تاريخي هام يتمثل في انتصار الملك الأمازيغي "شيشونغ" على الفراعنة في فترة حكم رمسيس الثاني، وذلك قبل 950 سنة من بداية استعمال التقويم الميلادي، إذ كان الفراعنة قبل هذا التاريخ ينظمون هجمات متكررة على بلاد الأمازيغ للاستيلاء على خيراتهم ونهب ثرواتهم.

يعتبر التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مر العصور، إذ استعمله الأمازيغ منذ 2959 سنة، وبخلاف التقويمين الميلادي والهجري، فإن التقويم الأمازيغي لم يكن مرتبطا بأي حادث ديني أو تعبدي... بل كان مرتبطا بحدث تاريخي، فبعد انتصارهم على الفراعنة دأب الأمازيغ على الاحتفال كل سنة بذكرى هذا الانتصار التاريخي واعتبروا يوم الانتصار رأس كل سنة جديدة. وتشير بعض الدراسات إلى أن التقويم الأمازيغي مرتبط بالطبيعة، إذ يعتبر بعض الباحثين أن أول يوم في السنة الأمازيغية هو يوم يفصل بين فترتين، فترة البرد القارس وفترة الاعتدال، كما يعتبر البداية السنوية للإنجاز الحقيقي للأشغال الفلاحية (من هنا تسمية اليوم الأول من السنة الأمازيغية برأس السنة الفلاحية)، ويعتبرون أن احتفال الأمازيغ برأس كل سنة يؤكد على ارتباطهم بالأرض التي عشقوها دوما ويكرس فهمهم الخاص للحياة، إذ الملاحظ أن القاسم المشترك بين مختلف العادات والطقوس التي تقام خلال رأس السنة الجديدة هو ارتباطها بالأنشطة الفلاحية من زراعة وغرس للأشجار وتربية للماشية، مما يعكس علاقة هذا اليوم بانطلاق الموسم الفلاحي، وحضور التبرك والاستبشار بموسم فلاحي جيد يجلب الخير والرخاء للجميع.

ورغم قلة الأبحاث والدراسات التي أنجزت حول هذا الموضوع ومهما يكن أصل هذا الاهتمام، فإن الأمازيغ اعتبروا ولا زالوا يعتبرون رأس كل سنة أمازيغية جديدة يوما متميزا في حياتهم، فهو يمثل نهاية مرحلة والشروع في مرحلة جديدة يأملون أن تكون أفضل من سابقتها. لذلك دأبوا على الاحتفال بحلول كل سنة جديدة، وذلك في الفاتح من شهر "ين أيور"، الذي يصادف 13 يناير من السنة الميلادية. ولا زال العديد من الأمازيع عبر مختلف ربوع تامزغا (بلدان شمال إفريقيا) يحتفلون برأس السنة الأمازيغية، وأصبحت المناسبة فرصة للعديد من الهيئات المدنية في تنظيم مختلف أنواع الأنشطة الثقافية والترفيهية... وفرصة للتذكير بمواقفها وبمطالبها العادلة والمشروعة، خاصة مطالبها الأساسية المتمثلة في الاعتراف الدستوري بالأمازيغية لغة رسمية والاهتمام بثقافة الأمازيغ وتاريخهم وحضاراتهم، وفي جعل اليوم الأول من كل سنة جديدة (13 يناير حسب التقويم الميلادي) يوم عطلة للجميع نظرا لما تزخر به هذه المناسبة من دلالات عميقة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العيد لم يسبق له أن نال اعترافا رسميا من قبل الدولة، كما هو الشأن بالنسبة لرأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.

الشهر الأول في السنة الأمازيغية يسمى "ين أويور"، وهي كلمة مركبة من " ين" أي واحد و "يور" أي الشهر، أما اليوم الأول فيسمى"ءيخف ن أسكاس" أي رأس السنة، وأما ليلة السنة الجديدة فتسمى"ءيض ن أسكاس" وهي كلمة مركبة من "ءيض" وتعني الليلة وأسكاس وتعني السنة، ويطلق عليها كذلك "أذاف أسكاس" أي دخول السنة الجديدة أو "ءيض ن نير" أي ليلة يناير أو أمغار أو الحاكوز أو حكوزة( العجوزة و يقصد بها الليلة الأخيرة من السنة المنصرمة).

تختلف طقوس وعادات وتقاليد الاحتفال بالسنة الأمازيغية داخل بلدان شمال إفريقيا من منطقة إلى أخرى، بل نجد أن هذه العادات والتقاليد تختلف حسب الجهات المكونة لبلد واحد. ففي المغرب ورغم اختلاف الاحتفال من منطقة إلى أخرى نجد هناك تقليد مشترك بين جميع المناطق، ويتمثل في قيام النساء في اليوم الأخير من السنة المقبلة على نهايتها على إعداد وجبات أكل خاصة تتفاوت مكوناتها من جهة لأخرى.

في الأطلسين الصغير والكبير بتبادل السكان خلال هذا اليوم التهاني والتحيات، وغالبا ما يكون الاحتفال مشتركا بين الأقارب والجيران الذين يمارسون بشكل جماعي فقرات من الرقص والغناء، وتطبخ النساء شربة "ؤركيمن" التي يستعمل فيها جميع أنواع الحبوب والقطاني التي أنتجتها الأرض خلال تلك السنة، ويحرصن على الانتهاء من طهيها قبل غروب الشمس، وذلك قصد توزيع جزء منها على أطفال القرية أو الحي، هؤلاء الذين يطوفون على البيوت مرددين بصوت واحد ( ؤوركيمن، ؤوركيمن، ؤوركيمن...)، وتعتبر هذه الشربة من الوجبات الضرورية التي يجب على كل أسرة أن تتناولها في ليلة رأس السنة مع ترك الاختيار طبعا في أن تضاف إليها وجبات أخرى حسب إمكانيات كل أسرة... ومن الراجح جدا أن هذه الشربة هي التي تطورت لتصبح شربة – الحريرة- التي يكثر المغاربة في شربها حاليا خاصة خلال شهر رمضان، كما يستهلك السكان بهذه المناسبة كميات كبيرة من اللحوم خاصة لحوم الدواجن التي تذبح عند عتبات المنازل لصد جميع أنواع الشرور التي قد تصيب الإنسان، كما يتم إعداد طعام الكسكس من دقيق الشعير ومن جميع أنواع الحبوب والخضر المعروفة في منطقة الأطلس، كما توضع فوق الموائد أطباق تقليدية " إينوذا" مليئة بالفواكه الجافة من لوز وجوز وتين وزبيب... وتعمل النساء على تنظيف البيوت وتزيينها، ويضع الرجال قصبا طويلا وسط الحقول حتى تكون الغلة جيدة وتنمو بسرعة، فيما الأطفال يقومون بقطف الأزهار والورود ووضعها عند مداخل المنازل وبتغطية أرضية حظائر الحيوانات الداجنة بالأعشاب الطرية. ويرتدي الجميع ملابس جديدة، وتحلق رؤوس الصغار وتعهد ظفيرتهم.

في قبائل دادس وإيمغران وتدغت وأيت عطا على سبيل المثال، تقوم النساء يإعداد طبق كسكس يسقى من مرق مكون من اللحم وسبع خضر أو أكثر، يضعن فيه نوى تمر واحد، يعتقدن أن من يجد هذه النوى أثناء الأكل سيكون سعيدا ويعتبر المحظوظ والمبارك فيه خلال السنة. ومن الأقوال المأثورة أيضا عند سكان هذه القبائل أن من لم يشبع من الطعام في ليلة رأس السنة فإن الجوع سيطارده طيلة تلك السنة. ومن جملة هذه المعتقدات كذلك أنه إذا أمطرت السماء في تلك الليلة أو في اليوم الأول من السنة الجديدة، فإن الأمطار ستنزل بغزارة خلال هذه السنة وسيكون الموسم الفلاحي جيدا وتكون المحاصيل الزراعية مهمة.

أما في منطقة حاحا فإن النساء يقمن خلال ليلة رأس السنة بوضع ثلاث لقمات قبل النوم في سطوح المنازل، ورقم ثلاثة يرمز إلى الشهور الثلاثة الأولى من السنة: يناير، فبراير و مارس، واستدرارا للمطر يرشن من بعيد المكان الذي وضعت فيه اللقمات بشيء من الملح، وفي الغد يقمن بتفحص هذه اللقمات، ويعتقدن أن اللقمة التي سقط عليها الملح تحدد الشهر الذي سيكون ممطرا.

أما ساكنة المغرب الشرقي فتولي أهمية بالغة لحلول السنة الأمازيغية الجديدة، إذ يتم الاحتفال برأس السنة بشكل كبير على غرار باقي الأعياد الدينية ويتم خلالها تبادل الزيارات والتباريك والتهاني بين أفراد العائلة التي يتجمع أغلبها في جو احتفالي يبدأ الإعداد له بأسبوع تقريبا، وتعج أسواق المنطقة بمختلف الفواكه الجافة كالجوز واللوز والزبيب والفول السوداني (كاوكاو – قاويت)... التي يتم خلطها داخل نفس الكيس، إضافة إلى حلويات من مختلف الأنواع (ويشتهر منها النوع المعروف بالكعك) وتباع بأثمنة مناسبة. ويتم إعداد وجبة عشاء: "بركوكش" الذي يفتل ويصنع يدويا من دقيق الشعير وأحيانا من القمح ( أبرابر – أفرفور) وتخلط معه القطاني والحلبة والطماطم والقزبور واللحم الذي يكون في الغالب دجاجا. وتقدم طيلة اليوم الفواكه الجافة للضيوف مع الشاي، وفي بعض المناطق يتم ترك حصة من العشاء في الهواء الطلق تحت القمر تبركا بالموسم الجديد.

إضافة إلى ما سبق، فإن سكان منطقة فكيك يحضرون ما يسمونه "الكليلة" وهو لبن يتم تجفيفه محليا في مواسم وفرة الحليب، إذ يحول إلى حبوب تشبه الحصى، وخلال احتفالات رأس السنة يصبون الماء على هاته الحبوب ويصنعون منها لبن الكليلة الذي يوزع على الضيوف وأفراد العائلة، وغالبا ما يوزع إلى جانبه اللبن الطري إذا توفرت عليه العائلة يوم رأس السنة.

وبالريف وتحديدا بقبيلة إبقوين فيخصص يومين للاحتفال بقدوم السنة الجديدة: ففي اليوم الأول الذي يصطلحون عليه بالريفية: بـ "أس نثشاريت إينوذا" (أي يوم ملء الأطباق الكلاسيكية المصنوعة بالحلفاء، وإينوذا جمع أندو أو ثندوت) حيث تملأ هذه الأخيرة بجميع أنواع الفواكه الجافة التي يملكونها أو التي يعمدون إلى شرائها قبل يوم الاحتفال( اللوز– ثيموياز– التين اليابس – الزبيب- الحمص، الفول...) وتقوم النساء بصنع كميات كبيرة من الفطائر ( المسمن و البغرير)، ويتوزع صبيان القرية إلى مجموعات، ويطوفون على بيوت الدوار مرددين عبارة: يانوب– يانوب... فتعمد النساء إلى إعطاء كل مجموعة نصيبها من الفواكه الجافة والفطائر، وقد يقفون أمام منزل يأوي عروسين حديث الزواج، فيرددون العبارات التالية:

يانوب، يانوب *** أثسريث أنع انجذيذ *** أوشانا شواي نتريذ *** نيغ أم نعرض ذ كوبريذ.

ومعناها بالعربية: يانوب يانوب، يا عروستنا الجديدة، أعطينا شيء من الفطائر، وإلا فسنعترض طريقك.

وعندما ينتهي الصبية من الطواف على المنازل، يجتمعون فيما بينهم في المساء، حيث يقومون بتوزيع ما جمعوه فيما بينهم. وفي اليوم الثاني: تقوم النساء بإعداد وجبة عشاء مميزة، غالبا ما تكون عبارة عن دجاج بلدي...

وفي قبائل أيث ورياغل – أيث تمسمان – أيث وليشك – أيث توزين – إقرعيين – أيث سعيد... فإن عادات الاحتفال تكاد تتشابه فيما بينها، إذ يتم توفير بعض الفواكه الجافة وخاصة التين والزبيب وإعداد وجبات من الحبوب والقطاني مثل: ثيغواوين أو تيموياز التي يتم إعدادها بتحميص القمح أو الشعير ووجبة إمشياخ التي تجمع بين القطاني كالعدس والفول والجلبان والحبوب وخاصة الذرة والقمح إضافة إلى الثوم، كما يتم إعداد وجبة البقول إغديون أو إوذب حسب إقرعيين وذلك من النباتات التي تكون موجودة في فترة الاحتفال. أما في وجبة العشاء التي تعتبر أساسية فيتم إعداد عدد كبير من الرغايف أو ثاغيفين أو رمسمن وكمية مهمة من التريد وهو نوع من الرغائف الرقيقة والدائرية والتي يتم طهيها على الترادة التي تكون عبارة عن قدر / أقتوش ( تشبه في طهيها طريقة إعداد ما يسمى بالورقة الخاصة بالحلويات)، كما يتم ذبح ديك بلدي وطبخه في المرق الكثير دون فواكه، ويتم تقطيع مختلف الرغائف التي تم إعدادها في حصن أو قصعة كبيرة لإعداد أبون أو أرفيس ويصب عليها الدجاج المطبوخ بمرقه ولحمه. وإلى هذه الوجبات تضاف في بعض المناطق كتمسمان وأيث توزين، بعض الفواكه الطرية الموجودة والبيض المسلوق الذي يوضع فوق الرفيس. أما في قبيلة أيث ورياغل فيمكن ذبح أكثر من ديك إذا كانت العائلة ميسورة ويوضع إلى جانب المأكولات السابقة الذكر اللبن وخاصة لبن الماعز الذي يكون في هذه الفترة من السنة بخلاف حليب الأبقار الذي لا يتوفر بكثرة عند حلول السنة الأمازيغية.

وتشترك جل القبائل الريفية في خاصية أساسية هي الاستبراك بموسم فلاحي جيد والتضرع إلى الله ليبارك زرعهم وضرعهم ويزيد فيه.
by محمد الرزوقي


يعتبر الوشم تقليدا طقوسيا عريقا وموغلا في الثقافة الأمازيغية، وغالبا ما يرتبط بالنظام القيمي أو الثقافي لدى المجتمع الأمازيغي الذي مارسه، أو بتقاليده ومعتقداته وديانته، فالإنسان الأمازيغي كان يعيش في عالم من الرموز والعلامات والقوانين التي يقصد بها التأكيد على انتمائه إلى هويته الأمازيغية فهو إذن، أسلوب ذو مضمون ثقافي أو ديني أو اجتماعي له علاقة وثيقة بالتفكير الأسطوري أو الفلكلوري كما يمكن أن يكون ذا مضمون جنسي ـ كما سنرى ـ خاصة عند المرأة الأمازيغية التي تتزين بالوشم في غياب المساحيق الملونة قصد التمييز على الرجل، ولقد ظل الوشم عبر العصور برموزه وأشكاله وخطوطه من بين أهم وسائل الزينة وتجلياتها القارة والدائمة على أجزاء معينة من جسد المرأة خاصة الوجه واليدين والرجلين ويكتسي الوشم في ظاهره وباطنه دلالات عديدة وعميقة، فهو يأخذ من جسم الإنسان فضاء للتدوين والكتابة ولوحة للرسم والخط تقول الشاعرة الأمازيغية في هذا الصدد : أسيذي عزيزي إينو، راجايي أذكنفيغ ثيريت إينو ثهرش، ذ تيكاز إيذين ؤريغ الشاعرة هنا، مقبلة على الزواج، ترجو وتلتمس من أسرة عمها حيث يوجد العريس، أن ينتظروا ويتريثو قليلا حتى تبرأ وتلتئم الجروح التي خلفها وخز الوشم في عنقها يأخذ البيت الشعري هنا تيمات متعددة يبرز فيها الجسد فضاء للابداع والكتابة، وجعله لوحة تنطق بالجمال والحسن الذي تؤثثه وتزينه الرموز الملونة المختلفة الألوان والأشكال والدلالات على جسد مقبل على الزواج .
إن المرأة الواشم مبدعة تكتب لتضع لذة النص ـ أو الرمز ـ المكتوب بيد المتلقي ذكرا أو أنثى لاكتشاف نهايات الجسد الأنثوي الاشتهائية، ينتقل عبرها الجسم من نظام الأيقونة إلى الجسم اللاهوتي.

ومن المعروف لدى الأمازيغ، حسب ما حكته لنا حليمة، تتحدر من ابن أحمدسطات وتقطن بأكادير أن »الوشم من أدوات الزينة الضرورية لأي فتاة ناضجة متزوجة«، وفي هذا نجد أن »الوشم عند النساء إعلان عن مرحلة النضج والاستعداد لاستقبال الرجل والاناطة بوظيفة الزواج«، بحيث يصبح الوشم بالنسبة إلى المرأة الأمازيغية… بوابة عبور لسن الرشد ومعه بوادر الزواج وهو في هذه الحالة يكتسي بعدا استطيقيا ويصبح مظهرا جماليا تود من خلاله المرأة الشابة إبراز مفاتنها، وإعلان نضج أنوثتها، فيصبح الوشم خطابا وعلامة سميولوجية تستهدف الآخر المشاهد، يقول الشاعر في هذا المعنى : »ماما« أثان يكين، ثيكاز سادو وابر ثاكيثنت إيوحبيب، أرياز أتيقابر ويكتسي الوشم دلالات جمالية تعتمد النظر والبصر، يأخذ الوشم تيمات أخرى، وقد اختلف في تحديد أبعاد ذلك، فهناك من يعطي للمسألة بعدا نفسيا أقرب إلى السادية خاصة لدى المرأة، إذ يفسر ذلك بالرغبة في إطفاء الغريزة المتوقدة فيها، فيتم تعذيب الجسد عن طريق الوخز وما يرافق ذلك من آلم روحي ونفسي قد يترتب عنه النفور والاستنكاف من نداء الغريزة خاصة لما يتم الوشم في مواضع معينة من جسد المرأة كالفخذين والصدر فهي مواضيع جسدية مستورة لكن هذا الوشم لا يحافظ على دوره الزجري بل يصبح إغراء وإثارة جنسية ونداء للطرف الآخر

وربما هذا ما اثار الشاعر الأمازيغي في البيت الشعري الاتي حيث أراد أن يظهر إهتمامه بفتاة وشمت فخذيها قائلا : أغانيم أغانيم، يكامن فوذ ذكفوذ أقام ثنغيذاي أم ثيكاز ؤفوذ هنا الشاعر يوضح ويشي بمدى نضج محبوبته، التي شبه نموها بنمو »أغانيم« عيدان القصب، والتي تنمو كما تنمو الأفخاذ في الجسم البشري، وما أيقض شهوته أكثر ذلك الوشم الذي وشمت به تلك الفتاة فخذها

إن الوشم في هذا الازري يخص الجانب التزييني الموظف للإغراء وإيقاض الشهوة وجلب الجنس الآخر وجذب انتباهه واستحسانه
إن الوشم ينتمي إلى المقدس فهو كالكتابة عند المرأة تجعله قناعا لتمارس منظومتها الإغرائية فهو لباس داخلي تخيطه الأنثى الواشمة لتخالف به اللباس الذي غالبا ما يكون الرجل من بين مصمميه، وقد يُعتم الوشم على المتلقي رؤية ما يحيط بجسد الأنثى، إنه يلعب دور المغناطيس الذي يحجب الجسد الحمدلي عن الانتهاك، فالاستعراض الجنسي محمي بالوشم وهذا الدور تقوم به ـ لخميسه ـ التي تُعطل بلاغة النص الأنثوي وتنظم فوضى الدلالات وتنفتح غائبة أمام العين الثالثة الرجل لتصبح »لخميسه« ذات دلالة وواسطة للإغراء والإثارة والاشتهاء لا يتعطل مفعولها السحري إلا إذا كانت العين الثالثة تحقق لمجمل وشم الجسد هويته وبذلك يأخذ شكله، استهلاكه من المتلقي الزوج أو المتلقي العشيق
إضافة إلى العنصر الإغرائي، إذ نجد الدلالات الجمالية حاضرة بقوة وبعيدا عن العنصر التزييني، يدخل الوشم ضمن آداب السلوك الاجتماعي، فهو ظاهرة سيميوطيقية مرتبط بالجسد الموشوم بحياته، ويموت بموته، ويشكل الوشم أيضا جسرا للربط بين ما هو روحي ومادي في الجسد ذاته .

فالوشم في الريف غالبا ما يوضع على الجسد بشكل أفقي مقسما الجسم إلى جزئين، شق روحي يضم القلب وآخر مادي يمثل الحياة بكل تجلياتها، فيتم الربط بينهما بواسطة رموز وأشكال إعتادت النساء الأمازيغيات توظيفه في إبراز المكونات الجمالية الإبداعية والفنية في الوسائل والأشياء المستعملة لديهن في الحياة اليومية العادية من زرابي وأواني خزفية وخشبية وطلاء الجدران والنقش على الفضة

مستفيدين من إرثهم الحضاري العريق المتمثل في حروف تيفيناغ ذات الأشكال المتعددة والملامح الجمالية الأخاذة إلى درجة جعلت غير الأمازيغيين يلجأون إليها خاصة عند الذين يعتقدون أن الخط العربي خط مقدس وأن الوشم به تدنيس له وليس غريبا ولا صدفة أن إقصاء الأمازيغية كان دائما مسبوقا أو مصحوبا بإقصاء القيم الأنثوية، كما هو الحال لظاهرة الوشم التي هي ثقافة أنثوية بامتياز، لقد حورب الوشم بشتى الوسائل والفتاوي الشرقانية إلى أن اختفت ممارسته نهائيا والمستهدف من وراء تحريم الوشم ومحاربته هو المرأة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية التي تعبر وتحافظ عنها هذه المرأة

وفي جانب آخر، نجد أن المرأة الأمازيغية تتحمل أنواع مختلفة من الآلام الذاتية والمعنوية والجسدية في سبيل إرضاء الطرف الآخر الا وهو الرجل، وفي وسعنا الإفتراض بأن ابتكار الوشم والرموز المستعملة فيه جاء بالارتباط مع اكتساب الإنسان الوعي بعدم اكتماله، ومن ثمة، فإن الوشم يكون وسيلة للإقتراب من الكمال ويتعلق الأمر بتحقيق التوازن بين الوعي واللاوعي

وفي منطقة الريف توشم الفتاة عندما تبلغ سن الرشد دلالة على كمالها أو اكتمالها جمالا وقدرتها على تحمل أعباء الحياة الزوجية كما تحملت الآم الوخز
dimanche 17 juillet 2011 by محمد الرزوقي
تجدد الجدل بشأن الهوية اللغوية في المغرب مع مشروع الدستور الذي أعلن عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال خطابه في التاسع من مارس الماضي، العاهل المغربي تطرق في خطابه إلى مسألة "التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة،الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها اللغة الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة". وقد صوت المغاربة على الدستور الجديد بنعم، ونسبة زادت على 98 بالمائة. وعرفت الأيام القليلة التي سبقت عملية التصويت جدلا واسعا حول مسألة إدراج الأمازيغية كلغة رسمية فيه، فانقسمت الآراء من جهة بين النشطاء والمواطنين الأمازيغ الذين أعلنوا أن لا تراجع عن مطلب إدراج هذه اللغة كلغة رسمية وإنصافها باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية، و من جهة أخرى بين من أعطى الأولوية لمسألة رد الاعتبار للغة العربية أولا بالنظر لهيمنة الفرنسية على معظم القطاعات الحيوية المغربية.

لغة وطنية أم رسمية؟

ينص الدستور المغربي الجديد في فصله الخامس على أن العربية "تظل اللغة الرسمية للبلاد، وتعمل الدولة على حمايتها و تطويرها وتنمية استعمالها. وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء". بيد أن الصيغة التي أدرجت بها أثارت امتعاض بعض الفعاليات الأمازيغية إلى درجة أن بعضها قرر مقاطعة التصويت على الدستور، ذلك أن النص عليها في الدستور الجديد كلغة رسمية جاء في الفقرة الثانية بعد العربية، وهو ما اعتبره البعض تمييزا واضحا بين اللغتين.

ويقول أحمد عصيد وهو باحث في الشأن الأمازيغي وعضو المرصد الأمازيغي للحقوق و الحريات في حواره مع دويتشه فيله إن الصيغة الأولى التي وضعتها لجنة مراجعة الدستور كانت أفضل، حيث كانت تنص على أن العربية والأمازيغية هما اللغتان الرسميتان للدولة في نفس الفقرة، قبل أن يتم تعديلها بسسب تدخل "حزبين محافظين رجعيين" حسب تعبيره و هما حزبا الاستقلال (قائد الائتلاف الحكومي) وحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض. ويضيف عصيد "هذان الحزبان تدخلا في البداية من أجل إدراج الأمازيغية كلغة وطنية فقط وليس رسمية ، لكن دسترة هذه الأخيرة (التنصيص عليها كلغة رسمية في الدستور) حصلت على الغالبية الساحقة من أصوات المذكرات الحزبية التي سلمت للجنة مراجعة الدستور". وأردف عصيد قائلا: " الدستور ينص على حماية العربية مع أن الموازنات المخصصة لها ضخمة كما أن الأمازيغية لغة مهددة بالانقراض في العام 2050 حسب منظمة اليونسكو، بالإضافة إلى أن الذين يدافعون عن العربية الآن هم أنفسهم الطبقة السياسية التي تدرس أبنائها بالفرنسية".

من جانبه يعتبر حسن إدبلقاسم عضو الحركة الأمازيغية أنه بالرغم من كل الانتقادات، فإن مجرد ترسيم الأمازيغية يعتبر بحد ذاته خطوة هامة وإجابة للذين يرفضون قطعا الاعتراف بالثقافة الأمازيغية و لغتها، ويضيف إدبلقاسم في لقائه مع دويتشه فيله أن هذا الترسيم هو استجابة عميقة للحركة الثقافية التي طالبت بالاعتراف بالأمازيغية. كما أن هذا الترسيم سيخدم كثيرا القضية الأمازيغية في المغرب.

ويبني معارضو ترسيم الأمازيغية مواقفهم كذلك على أن هذه اللغة "لغة ميتة مستقبلها غامض"، وليست لغة عصرية، كما أنها عبارة عن لهجات شفوية مختلفة يصعب توحيدها ولم يبدأ تداولها كتابيا إلا في السنوات الأخيرة، و هو ما سيشكل صعوبات كبيرة أمام تطبيق قرار جعلها لغة رسمية. لكن عصيد له رأي آخر ويعتبر بأن هذه الثقافة لها رصيد معرفي غزير وترجمت إليها أهم المواثيق الدولية.

وعما سيتغير في هذا الشأن يقول عصيد إن الأمازيغية ستدخل مجال القضاء و الصحة وسيتعزز حضورها أكثر في مجالي الإعلام والتعليم. كما ستكون كل المؤسسات ملزمة بالتعامل بها أيضا، وسيكون للأمازيغ الحق في تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية بعدما كانوا يمنعون من ذلك في الماضي.

تعزيز لمكتسبات سابقة...

شكل تولي العاهل المغربي الملك محمد السادس لمقاليد الحكم في المغرب منعطفا مهما في تاريخ القضية الأمازيغية، ذلك أنه أبدى منذ بداية حكمه مرونة أكبر في التعامل مع الملف الأمازيغي على عكس والده الراحل الحسن الثاني. و بدأت أولى فصول هذا التغيير حينما أعلن محمد السادس في أكتوبر 2001 عن أن الأمازيغية مسؤولية وطنية ينبغي النهوض بها. بعدها تم تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ثم البدء في تعليم هذه اللغة في المدارس الابتدائية وإدماجها تدريجيا في الإعلام. كل هذه الخطوات اعتبرها الأمازيغ مكتسبات مهمة، لكن الأمازيغية باعتقادهم كانت بحاجة إلى أن تتم دسترتها لتحظى بالحماية القانونية ولكي تصبح القرارات المتخذة بشأنها إلزامية للمسؤولين والمؤسسات الحكومية.

وتكتسي الأمازيغية أهميتها كقضية نظرا إلى ارتفاع نسبة السكان الأمازيغ في المغرب، إذ قدرت دراسات سابقة نسبتهم بأكثر من 60 بالمائة من مجمل سكان البلاد. ولا تشكل الأمازيغية موضوع نقاش سياسي في المغرب فقط، بل أن الأمر يتعدى ذلك لتتحول هذه القضية في أحيان كثيرة إلى موضوع مزايدات سياسية بين المغرب وجارته الجزائر، فكلما حقق الأمازيغ "انتصارا" في إحدى الدولتين تجد الأخرى نفسها مضطرة للقيام بخطوات مشابهة لتفادي أي مشاكل داخلية، خاصة وأن نسبة الأمازيغ في الجزائر هي الأخرى مرتفعة. وتعتبر الأمازيغية لغة وطنية بموجب الدستور الجزائري.
mardi 12 juillet 2011 by محمد الرزوقي


 PAR : http://iguiwaman.blogspot.com

تاريفيت أو الريفية هي لهجة أمازيغية شمالية مُتفرعة من اللغة الامازيغية، وتنتشر أساسا في منطقة الريف (شمال المغرب) بنحو 4 ملايين نسمة. وتجدر الإشارة إلى أن أمازيغ الريف لا يسمون لغتهم أبدا تاريفيت بل يسمونها دوما "ثامازيغت" ويسمون أنفسهم "إيمازيغن". أما لفظة "تاريفيت" فيطلقونها غالبا على المرأة الأمازيغية الريفية المنحدرة من قبائل الريف باقليم الحسيمة والناضورتاريفيت هي لهجة أمازيغية تنتمي إلى فرع الأمازيغية الشمالية ويوجد تقارب وتشابه كبيران بين أمازيغية الريف بالمغرب وأمازيغية القبايل (ثاقبايليث) بالجزائر، إذا أن كليهما تنتميان إلى
فرع اللهجات الأمازيغية الشمالية المطلة على البحر المتوسط. الأمازيغية الريفية قريبة نحويا ولغويا بشكل قوي من كل لهجات شمال أفريقيا الأمازيغية الأخرى كالأطلسية والسوسية.
طبقا لما توصلت إليه دراسات "SIL International" فإن لهجات الريف هي سليلة مجموعة لهجات زناتة مختلطة بلغتين محليتين كانتا يُتحدث بهما في منطقة الريف المغربي. مصادر أخرى تُظهر صنهاجة السرائر كلغة غير زناتية، وهذا يُبدي ان لهجات الريف هي مزيج من اللهجات الامازيغية التالية:
يقولاحمد بوكوس عميدالمعهد الملكي للتقافة الامازيغية
فرع تاريفيت
يصنيف علماء اللهجات الامازيغية - اللهجة الريفية (الزناتية) إلى قسمين :
*القسم الغربي
* القسم الشرقي
يمثل القسم الأول لهجة الريف بمعناه الدقيق،
أي ذلك المجال الممتد بين واد كورت (إغزارن ن شرت)
 ووادي بني كميل  حيث تقطن قبائل ايت اطفت، ابقوين،
ايت وارياغ،  ايت تمسمان،
ايت سعيد.
أما اللهجة الثانية فتستعمل في مجال يشمل القطاع الشرقي من الريف وهي قبائل : إقرعيين،
إكبدانن، أيت توزين، إكزناين، أيت اوليشك، أيت عمرت الموجودة في المنطقة الداخلية.
ويذهب بعضهم إلى إدماج أيت إزناسن وأيت بوياحي وإمضالسن (مطالسة) في إطار زناتي أوسع
وعموما يمكن القول إن المجال الجغرافي للزناتية تحيط به غربا قبيلة غمارة، وشرقا الحدود
الجزائرية، وجنويا قبائل البرانس وهوارة، كما يحده شمالا البحر الأبيض المتوسط.
إن أهم مايميز اللهجة الزناتية هي خصائص نضامها الصوتي المتمثلة في تحويل الصوامت المقفلة
إلى صوامت احتكاكية: ب / ؟، ت / ث، د/ ذ، ك / ك، كَ/ كَ.
ويبدو أن هذه الظاهرة تتضاعف من الجنوب إلى الغرب، ويلاحظ كذلك تحويل ث إلى ذ في بداية الكلمة:
[ ثامطوت / ذامطوث (المرأة) ]، وتحويل ك إلى ش أو إلى ي: [ ثفوكت/ثفوشت أو ثفويت (الشمس) ]
كما تحول كـ إلى دج أو إلى جـ أو إلى يـ : [ ثاركا/تاردجا أو تاريا (الجدول) ].
ويلاحظ كذلك قلب اللام راء : [ أسلم/أسرم (سمكة) ]، ويهم هذا القلب كذلك المفردات الداخلية
[ القائد/رقابد ]، أما اللام المشددة فيه تصبح د أو دج أو ر : [ ؤلي/ؤدي/اؤدجي (الشياه)]
،[ ئيلي/ئدجي (إبنتي)]، [ أكليد/أجليد /أجديد (الملك)]،
وتطبع هذا النضام الصوتي كذلك كثافة الصوامت المعطشة من تش ودج، كثيرا ماتكون هذه
الصوامت نتيجة لإدغام صامتين: [ ل+ث/تش - ثاقبيلت/ثاقبيتش (القبيلة) ]،
[ ؤلتما/ؤتشما (أختي) ]، [ ن +ل /دج : أنلي/أدجي (المخ). ] .
بقلم أحمد بوكوس، كتاب : الأمازيغية والسياسة اللغوية والثقافية بالمغرب.
صفحة 51 و 52.
تتداول التاريفيت أساسا في الريف شمال المغرب
 الشرقي والأوسط وجزء من الأطلس المتوسط بنحو 4 ملايين مغربي يتكلمونها
كلغة أم. ويتوزع الأمازيغ الريفيون بالمغرب على مساحة جغرافية تزيد عن
50.000 كيلومتر مربع من السهول والجبال والسواحل بالإضافة إلى المدن
والقرى. ويبلغ عدد المهاجرين المتحدثين بتامازيغت تاريفيت في أوروبا بحوالي
 مليون مغربي. ويوجد بعض المتحدثين بتاريفيت على الحدود المغربية الجزائرية
 من الجانبين. أما في مدينة مليلية المحتلة من طرف إسبانيا فالأمازيغ الريفيون
 يشكلون حوالي نصف سكان المدينة. تستخدم تامازيغت تاريفيت في بركان، الناظور، الحسيمة، وجدة، فكيك، العرائش، تازة، شفشاون، طنجة ،تطوان بنسب متفاوتة. وهناك تجمعات مغربية أمازيغية ناطقة بالتاريفيت موجودة في 10 بلدان أوروبية أهمها هولندا، بلجيكا ،اسبانيا،ألمانيا، فرنسا.
 والمتحدثون بها يطلقون عليها ببساطة تمازيغت أو الأمازيغية، وهو مصطلح
ينطبق بمعنى أوسع على اللغة الأمازيغية بصفة عامة في كل شمال أفريقيا
.
jeudi 7 juillet 2011 by محمد الرزوقي

أعرب المطرب الجزائري الشهير "إيدير" عن أمله في أن يرى يوما اتحادا مغاربيا حقيقيا يجمع الدول المغاربية، مع حذف كلمة عربي؛ لأنها تنتزع حق العيش لليهود والمسيحيين والأمازيغ في المنطقة المغاربية، وتجعلهم مهمشين ويعانون الإقصاء، بحسب وصفه.
وذكرت صحيفة "الشروق" الجزائرية 7 يونيو أن المطرب القبائلي اتهم السياسيين بإفساد العلاقات بين الشعبين المغربي والجزائري، وقال إن "السياسة معقدة جدا، وهي مبنية على المصالح، والصفقات، لكنها فقدت في المنطقة جانبها الإنساني، وأفسدت الود التاريخي ما بين الشعوب، وتحديدا المغربي والجزائري".
ومن جهة أخرى، رأى المطرب القبائلي أنالمملكة المغربية تمكنت من التفوق على البلدان الأخرى في تسويق صورتها السياحية والسياسية، خارج المملكة.
وأوضح أن ذلك ليس عائدا فقط إلى مهرجان "موازين" للموسيقى، وإنما قبل هذا الحدث الفني بكثير، متهما السلطات في الجزائر أنها "أخفقت حتى الآن في إيجاد مهرجانات على مستوى "موازين" بالجزائر، وهو ما يجعلنا متأخرين دوما.
وانتقد المطرب الجزائري ما سماها الأغنية التجارية، أو التي تبحث عن البيزنس وحسب، قائلا إنه سيبقى وفيا للأغنية الإنسانية، وتلك التي تخاطب المشاعر مباشرة.
وعن معاناته في أوروبا -حيث يتنقل بين بلد وآخر ويغني هناك- أوضح "إنني أعاني من التهميش بسبب اللغة التي أغني بها، حتى في بلادي.. وربما أكثر من البلدان الأوروبية التي -على الرغم من أن سكانها لا يفقهون ما أقول وأغني، إلا أنهم- يتجاوبون بشكل كبير ومفرح".
وكان "إيدير" قد ألهب جمهور مهرجان "موازين" الدولي بالعاصمة المغربية الرباط خلال دورته الأخيرة، وردد معه حوالي 20 ألف شخص أغانيه القبائلية الشهيرة حتى الساعات الأولى من الصباح، تحت زخّات المطر والبرد.
ونجحت مشاركة "إيدير" بالمهرجان رغم أن الحفل سبقه هجوم عليه عبر صفحات "فيس بوك" من قبل شباب مغاربة، بعد صدور اسمه في قائمة الفنانين المشاركين في إحياء حفلات مهرجان "موازين" الدولي، معتبرين أجره في الحفل "نهبًا لأموال الشعب".
by محمد الرزوقي
معركة المسَاواة:
كان انتصارا جميلا للديمقراطية ذاك الذي حققته الأمازيغية بعد نصف قرن من المعارك النضالية السلمية، عاش فيها ثلاثة أجيال من المناضلين كفاحا تاريخيا على ثلاثة مستويات: مستوى الفكر والبحث العلمي، مستوى السّجال والنقاش العمومي والتنشيط الإشعاعي، مستوى الإبداع الأدبي والفني الزاخر.
على هذه المستويات الثلاثة، تمّ إنتاج تراكم كمي ونوعي هائل، كان له أثر بالغ الأهمية في التغيير التدريجي للعقليات، والتمهيد للحدث الذي يُعتبر بالنسبة للفاعلين الأمازيغيين أب المطالب، ألا وهو ترسيم الأمازيغية هوية ولغة في الدستور الذي هو القانون الأسمى للبلاد، ومن خلال ذلك الترسيم الذي ليس هدفا لذاته، تحقيق المساواة بين المغاربة كافة، عبر حماية كل مكونات الهوية والثقافة المغربية، العربية والأمازيغية، وجعلها تحظى بحقها في الرعاية والتطوير، وتمكينها من لعب أدوارها الفاعلة في التنمية في كل القطاعات.
إنّ ترسيم الأمازيغية انطلاقا مما أسلفناه (رغم كل أساليب الإلتفاف التي حاولت تقزيم المكسب في اللحظات الأخيرة) هو الضمانة القانونية لردّ الإعتبار للإنسان حامل هذه الثقافة، والناطق بهذا اللسان العريق، وكل حديث عن لغة أو ثقافة بمعزل عن الإنسان الذي يحملهما هو نوع من التفكير المفارق للواقع، ومن تمّ كانت المساواة بين اللغتين العربية والأمازيغية في الدستور، وبين أبعاد الهوية المغربية، ضمانة للمساواة بين المواطنين داخل المؤسسات وفي المجتمع.
حرب اللغات لن تقع:
لم تقع حرب اللغات التي تخيلها بعض المواطنين من الذين يعطون الأولوية لعواطفهم الذاتية ومنطلقاتهم الإيديولوجية على مصلحة البلاد، أولائك الذين ظنوا بأن إفساح المجال أمام تنوعنا الخلاق ينذر بالإقتتال، وهي فكرة يواجهها بعض المواطنين البسطاء بسؤال بريء يقول: كيف سنقتتل فيما بيننا بمجرد أن يعترف بعضنا ببعض، لم نقتتل أيام الميز والإقصاء والتحقير، فلماذا سنقع في الفتنة بعد ترسيخ المساواة فيما بيننا ؟
لم تقع حرب اللغات ولن تقع بالتأكيد لأنّ المغاربة مهما بلغ استبداد النسق السياسي وسوء تدبير الإختلاف داخل المؤسسات، يستطيعون في المجتمع إمساك العصا من الوسط في محاولة دائمة لعدم الإخلال بالتوازنات الضامنة للإنسجام الإجتماعي. لقد كان أسوأ ما يهدّد التلاحم بين المغاربة هو السياسة المتبعة من طرف الدولة، ومواقف الأحزاب المحافظة، والتي لم تكن وفية لتاريخ المغرب ولا لطبيعة المجتمع المغربي وتحولاته. ونعتقد أنّ إقرار ترسيم الأمازيغية سيساهم بشكل كبير في تغيير العقليات، لأن الأمازيغية ليست مجرد لغة، بل هي قيم ثقافية أيضا تتمير بنزعتها الإنسانية، وبميلها للحرية والمساواة وللكرامة التي توضع فوق كل اعتبار ديني أو سياسي أو غيره.
مكر الساعات الأخيرة:
في الساعات الأخيرة التي سبقت الإعلان عن مشروع الدستور الذي سيُقترح للإستفتاء، حدث ما كان منتظرا من لقاءات سرية عبثت فيها الأيدي بمشروع الوثيقة الدستورية الأكثر تقدما في تاريخ المغرب مقارنة بما كان، وأعيدت صياغة بعض الفقرات وفق مطالب بعض القوى المحافظة والرجعية، التي لم تستوعب بعض روح المرحلة، والتي تلقى مطالبها ترحابا داخل أوساط القوى المحافظة في النظام ذاته، ولهذا تمّ استدعاؤها وتحريكها لتلغيم بعض النصوص والتخفيف من الطموح الديمقراطي للوثيقة التي تمخضت عن لجنة مراجعة الدستور.ولم يكن مستغربا أن تكون الأمازيغية لغة وهوية من ضحايا هذه الإتصالات السرّية للحظات الأخيرة، التي غيّبت فيها الأطراف الأخرى الديمقراطية التي كانت مطمئنة لمضمون الوثيقة الدستورية بعد الإستماع إليها في اجتماع الأحزاب مع لجنة مراجعة الدستور.
تكريس الميز حتى في الترسيم:
كان صعبا على قوى التقليد والمحافظة في النظام والأحزاب السياسية، أن تقبل بدون تحفظ مبدأ ترسيم الأمازيغية الذي ظهر الميل إليه من طرف أغلبية القوى المدنية والسياسية التي تقدمت بمقترحاتها للجنة الدستور. وكان لا بدّ من اللجوء في اللحظات الأخيرة إلى العبارات الملتوية للصياغة القانونية التي تشبه الألغام التي يمكن استعمالها عند الحاجة ، كما تمّ بالنسبة لكل الحقوق والحريات الأخرى، فالأمازيغية لغة رسمية للدولة، ولكن بشكل يوهم بأنها لغة رسمية ثانوية، مع قانون تنظيمي قد يمنح أعداءها الفرصة لعرقلة وظائفها الحيوية مستقبلا. والهوية الأمازيغية مصرح بها في تصدير الدستور، لكن بعد أن كانت في مكان الصدارة قبل المكونات العربية الإسلامية والصحراوية والإفريقية إلخ..في الوثيقة الأصلية التي اقترحتها لجنة المانوني، تمّ نقلها إلى مرتبة ثانوية في إخلال تام بالترتيب التاريخي الموضوعي للمكونات، وقد تمّ حذف عبارة "المغرب العربي" التي كانت موضوع احتجاج القوى الأمازيغية، لكن أضيفت في اللحظات الأخيرة عبارة "الإنتماء إلى الأمة العربية والإسلامية" و"روابط الأخوة" في عبارات إنشائية ركيكة المعنى والمبنى، أضيفت قبل الإنتماء الإفريقي الذي هو الأسبق تاريخيا وجغرافيا واستراتيجيا، ويبدو أن كل هذه الإجراءات كانت تستهدف شيئا واحدا مفارقا وغريبا، ألا وهو الحفاظ للأمازيغية على وضعية الدونية حتى مع صفة اللغة الرسمية ومع إقرارها ضمن أبعاد الهوية، وهو أمر مستحيل طبعا، فاللغة الرسمية ترتبط بوظائف والتزامات، قد يخضع تنفيذها لنظام أولويات معقول، لكن لا يمكن أن يسقط في التجميد أو العرقلة كما كان يحدث من قبل.
خيبة وأمل واستمرار معركة الديمقراطية:
كان المطلوب إصلاح ثوري ينقل المغرب بشكل حاسم إلى الدولة الديمقراطية في صيغة ملكية برلمانية، لكن الحراك المغربي لم يتمخض عن أكثر من جرعة من الديمقراطية، في شكل تعديلات تمّ فيها تنازل الملك عن بعض المهام الثانوية، مع البقاء في وضع الإمساك بزمام الأمر من أعلى، وهو ما يعني أن الإعتراف بالأمازيغية لغة رسمية لم يأت في إطار دمقرطة شاملة وحقيقية كما كنا نتمنى، ولهذا لا ينبغي أن نتوقع طريقا مفروشا بالورود بالنسبة لتفعيل ترسيم الأمازيغية داخل المؤسسات، فآليات الإستبداد ما زالت قائمة، ومعها لوبيات الإدارة الفاسدة والعقليات القديمة.
إنّ الأمازيغية لا تنفصل عن المشروع الديمقراطي الشامل، فهي تنهض بتحققه، وتنتكس بانتكاسته، كما أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بمسلسل تغيير العقليات والسلوكيات و منظومة القيم، أي مسلسل التحرير والتحديث، ولهذا يظل الإستمرار بإرادة قوية في مسار النضال الديمقراطي الضاغط أمرا لا محيد عنه، باعتباره ضمانة الإنتقال إلى المرحلة المقبلة التي لا ينبغي أن تتأخر.
by محمد الرزوقي
رسالة مفتوحة من العثماني إلى الأخ بنكيران: رجاء دعك من لغتي فهي كل ما تبقى لي من الهوية
في فيديو نشر على موقع حزب العدالة و التنمية يناقش الاستاد عبد الاله بنكيران كبير العدالة و التنمية مسألة كتابة الامازيغية و يدعو الى مراجعة كتابتها بخط تيفيناغ و كتابتها بالحرف العربي و يضرب للعدل و الإحسان و أحزاب اليسار موعدا لمناقشة القانون التنظيمي المنصوص عليه في الفصل الخامس من مشروع دستور 2011 و المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية
أحيلكم – سيدي كبير العدالة و التنمية- على كتاب والدي رحمة الله عليه الأستاذ امحمد العثماني، عن ألواح جزولة و الذي كتبه سنة 1970 "واعلم أن بخزانتكم أكثر من نسخة منه" إذ كتب في الصفحة 46 "و للغة البربرية حرف خاصة بها سابقا و لحروفها تلك أشكال تشبه كثيرا الأوضاع الكونية والكائنات الطبيعية، و لم تكن الحروف الأصلية لتزيد لديهم على أربعة عشر حرفا يسمونها "تيفيناغ" و معناها الحروف المنزلة و لها حركات وضوابط تسمى تيدباكين و معناها الدليل على العمل و التوسع و هم بها يكتبون بحرية تامة كيفما شاء الكاتب، فيكتب من الشمال إلى اليمين، وبالعكس، و من أعلى إلى أسفل، و بالعكس، حسب اصطلاح القبيلة"
فالفقيه سيدي امحمد العثماني لم ينكر كتابة الامازيغية بحروف تيفيناغ (في 1970) بل كان يعتبرها جزءا لا يتجزأ من هذه اللغة و كان يحاول الكتابة بها بين الفينة والأخرى ومن أكون لا أنا ولا أنت من مقام أستاذ في قيمته وعلمه وورعه وزهده في الدنيا و لو كان حيا اليوم لكان أول من يكتب بها.
بعد هذه التوطئة -التي أدعو الله أن تكون قد أقنعتكم- الفت نظركم سيدي و مولاي أن ما قرأتموه في اللافتة المعروضة بقاعة التجمع و العبارات التي طلبت من الحضور ترديدها لا تمت إلى الامازيغية بصلة بل هي عربية ركيكة حاول كاتبوها أن يوهموكم أنها امازيغية و حاشا أن تكون كذلك
وأعجب ممن حولكم من الامازيغ و ممن رددوا معكم عباراتكم كيف لم يلفتوا نظركم إلى الخطأ الذي وقعتم فيه و إني إذ أنزههم عن النفاق -إلا من أضل الشيطان و هم قلة- لا أجد تفسيرا مقنعا إلا أن تكونوا قد أقنعتموهم باسم الدين بالانسلاخ من هويتهم الأصلية و أصبحوا كالغربان لا امازيغ و لا عرب.
وادعائكم أن الأستاذ عبد الله باها الامازيغي القح –و مني إليه ألف تحية- لن يقرأ الامازيغية إن كتبت بخطها الأصلي مجرد ظن خانكم سيدي الأمين العام و الأستاذ عبد الله باها الذي اعرف نباهته و ذكاءه تكفيه نصف ساعة ليقرأ و يكتب بتيفيناغ ، و ان كنتم صادقين في تلويحكم بالاستقالة –و أقسمتم بالله على ذلك- فاكتبوها سيدي فالأستاذ الأخ عبد الله باها سيقرأ الامازيغية المكتوبة بخط تيفيناغ إلا أن لا يشاء حفاظا على مركزكم في الحزب و احتراما لكم و رعيا لقسمكم بالله،
ورجاء دعوكم من القسم بالله، فالقسم بالله اجل و أعظم من استعماله كمجرد تعبير لغوي و في مقامات لا داعي فيها إلى القسم باسمه.
ولا ادري ما الذي يمنعكم سيدي الأمين العام من أن تتعلموا خط تيفيناغ و اللغة الامازيغية على سهولتها بالنسبة لإنسان في علمكم و ثقافتكم، رغم أنني لي اليقين أنكم لن تفعلوا
وبغض النظر عن كل استغلال سياسوي للقضية الامازيعية أذكركم سيدي أن الامازيغ هم أول المدافعين عن الإسلام و الحاملين للوائه و لولا أن سخرهم الله لدينه لاندثر من ارض المغرب و لكنتم تدافعون اليوم عن المرجعية المسيحية و بالفرنسية و هم القوم غيركم مصداقا لقوله الله عز وجل في سورة محمد " وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ".
ومن استقراء التاريخ سيظهر لكم سيدي أن الشعب الامازيغي هو وحده على مدى التاريخ غير دينه مما كان عليه إلى ما هو أسمى فكان لا دينيا يوم لم يصله أي دين و انتقل إلى اليهودية يوم بعث النبي موسى عليه الصلاة و السلام و إلى المسيحية يوم بعث النبي عيسى عليه الصلاة و السلام و اعتنق الإسلام رغبة لا رهبة يوم بعث النبي محمد صلى الله عليه و سلم و قبل وصول جحافل الفتح الإسلامي.
فنحن الشعب الوحيد الذي تبنى جميع الديانات السماوية عن اقتناع و ادعوكم إلى مقارنتنا بغيرنا من الشعوب الذين لم يستطيعوا التكيف مع مقدم الرسائل السماوية و نحن القوم الذين استقبلوا جدكم مولاي ادريس الاول اذ جاء الينا طريدا لاجئا فوليناه امرنا لمجرد انتمائه الى النسب الشريف.
أما بالنسبة للقانون التنظيمي المنصوص عليه في الفصل الخامس من مشروع الدستور فلا يتعدى مجاله مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و كيفيات إدماجها في مجال التعليم و في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية أما كتابتها بخط تيفيناغ فأمر قضي و لا يمكن للحكومة اقتراح غيره – مشاريع القوانين التنظيمية من اختصاص الحكومة لا البرلمان – و إن فعلت فالمحكمة الدستورية ستصرح بعدم مطابقته للدستور و حولكم في حزب العدالة و التنمية من فقهاء القانون الدستوري الكثير تستطيعون –سيدي- استشارتهم في شأن القوانين التنظيمية و طرق إعدادها و مدى إمكانية تعديلها من طرف البرلمان،
وإن استطعتم رغم كل الترسانة القانونية أن تغيروا الخط الامازيغي فستنقطع شعرة معاوية بينكم و بين أحرار الامازيغ (و لمعلوماتكم فكلمة أمازيغ تعني الحر ضدا عن العبد) و ما ضاع حق وراءه طالب.
اعتذر سيدي إن أسأت الأدب في مخاطبتكم، فانا لا أحسن الحديث في حضرة السادة الأمناء العامين ، أعتذر لكم ان خاطبتكم مع كل ما يجب لكم من الاحترام و التوقير عبر رسالة مفتوحة لان دون الوصول إليكم و إسماعكم وجهة نظري المتواضعة و إشراككم حلمي الوردي بوطن يحترم هويتي و لا يعتبرني مواطنا من الدرجة الثانية خرط القتاد،
لكني أقول لكم و بملء فمي و على رؤوس الأشهاد أنا الامازيغي الأصل و المنبت و التربية الذي يهيم بلغته الى حد الجنون.
دعكم سيدي الأمين العام من لغتي فقد أخدتم منا كل شيء إلا هي، ولن أرضى عنها بديلا،
دعني سيدي الأمين العام اكتب لغتي كيفما شئت فانا لو ادع يوما إلى أن تغيروا الخط العربي بل حملت مشعله و همت غراما بنون النسوة فيه أكتبه شعرا ونثرا و أحسن خط خطوطه من الديواني إلى الكوفي مرورا بالرقعة و المغربي.
دعكم سيدي و مولاي من سوء الظن و لا تسيئوا فهم مقاصدنا و لا تتهموا الامازيغ بسوء النية فنحن مغاربة يهمنا الوطن نتألم لألمكم و ندافع عن مطالبكم و نحمل عنكم همكم و ثق أننا سنكتب الامازيغية بتيفيناغ و سننجح في الامتحان و كفانا ما قدمنا من سنوات الاعتقال و من دم الشهداء فقط لنستنشق بعض عبير الحرية.
دعني سيدي الأمين العام احتفظ لكم في نفسي بالصورة الجميلة التي اختزنها في ذاكرتي لكم و لا تنسوا انه بلغ حد احترام الامازيغ لكم و للجنس العربي أنهم تعلموا لغتكم و أحسنوها أكثر من أهلها.
رجاء، دعونا – سيدي و مولاي - للمرة الأولى نحس أننا كيان متواجد و أنكم تحترموننا رغم اختلاف اللسان، و أنكم راضون عنا رغم عدم إتباعنا للغتكم،
أن تنظروا إلى المستقبل سيدي و مولاي لا يكون بإلغاء هوية أغلبية الشعب المغربي و لا الارتماء على الهوية الامازيغية بدعوى أن كل المغاربة "شلوح"، دعوا المستقبل لله، فأنتم لا تملكون على حد علمي المتواضع مفاتيح الغيب.
ارجوكم لا تتعلموا الامازيغية لا تقرءوها فنحن نحمل عنكم عبء ذلك سنترجم لكم ما تخطه أناملنا بتيفيناغ و ما تجود به قريحتنا إلى العربية لأنكم إخوتنا في الدين و الوطن.
أقدركم و أحترمكم لكن سيدي ومولاي دعني أحس ولو لمرة واحدة أنني إنسان.
by محمد الرزوقي
برهنت الأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي الرسمي عن لامسؤولية كبيرة في مواقفها من مطالب الشارع المغربي سواء المتعلقة بتأسيس نظام مدني برلماني ديموقراطي حقيقي في إطار ملكية رمزية، أو المتعلقة بالإعتراف بالهوية الأمازيغية (التاريخية الجغرافية وليس العرقية اللغوية) وباللغة الأمازيغية لغة رسمية بالمساواة مع العربية.
أما الإعتراف المنقوص بالأمازيغية الذي جاء به الدستور الممنوح فهو نتيجة لضغط الشارع فقط. ولا يمكن لأي حزب أن يزعم بأنه ناضل أو ضغط من أجل الإعتراف بالأمازيغية هوية ولغة. بل إن حزبي العدالة والتنمية والإستقلال ضغطا على لجنتي تعديل الدستور في الإتجاه المعاكس من أجل إنقاص حجم الإعتراف بالأمازيغية هوية ولغة رسمية، وجعله هامشيا وثانويا.
هناك ثلاثة أنواع من الأحزاب حسب مواقفها من الأمازيغية خلال العقد الأخير:
1-أحزاب مضادة للأمازيغية: وأهمها حزبا الإستقلال والعدالة والتنمية.
2-أحزاب محايدة أو غير مهتمة أو تساير مزاج السلطة والشارع: مثل حزب الإتحاد الإشتراكي، حزب الأصالة والمعاصرة، وحزب التجمع الوطني للأحرار.
3-أحزاب مساندة للأمازيغية: الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي هو الوحيد الذي طالب صراحة بالإعتراف بالهوية الأمازيغية وبترسيم اللغة الأمازيغية. وهو حزب حظرته وزارة الداخلية بعد استصدار حكم قضائي ضده، فتوارى عن الأنظار.
وهناك مجموعة من الأحزاب التي ساندت الأمازيغية ولكن بشكل مبهم أو مناسباتي مثل حزب الحركة الشعبية، وحزب التقدم والإشتراكية والحزب الإشتراكي الموحد.

حزب على أساس عرقي ولغوي؟
يقول الفصل 7 من الدستور الممنوح: "لا يجوز أن تؤسس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، وبصفة عامة، على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان".
ورغم أن الهوية الأمازيغية التاريخية الجغرافية تشمل كل المغاربة مهما كان أصلهم العرقي أو لونهم أو لغتهم أو دينهم، وتشمل مجموع التراب الوطني بل ومجموع شمال أفريقيا، فإن كل من لا يتقبل هذا المفهوم الجامع الشامل لـ"الهوية الأمازيغية" ويراها مقتصرة على رقم عرقي أو لغوي (متجاهلا التاريخ والجغرافيا) سيقول ببساطة أن أي "حزب أمازيغي" هو حزب عرقي أو لغوي.
والطريف هو أن هذا الحاجز (الدستوري والقانوني) يمكن القفز عليه ببساطة عبر التخلي عن لفظ "أمازيغي" في الإسم الرسمي للحزب. وهذا بالضبط هو ما تفعله الأحزاب السياسية الإسلامية داخل وخارج المغرب حينما تتخلى عن تسمية "الحزب الإسلامي" مع احتفاظها بأيديولوجياتها وبرامجها الإسلامية كاملة غير منقوصة، وتبقى معروفة لدى الناس كأحزاب إسلامية.
أما من يرفض شرعية تلك الأحزاب الإسلامية ويقول بأنها "أحزاب دينية" وأنها "تستعمل الدين في السياسة" فسيردون عليه بأن الإسلام يشمل كل المغاربة وأن أحزابهم مفتوحة لكل المواطنين والمواطنات، وأنها لا تميز بين المواطنين على أساس الدين.
وكذلك يمكن لأي حزب أمازيغي، يُـتّـهَـمُ بأنه "حزب عرقي ولغوي" وأنه "يستخدم العرق واللغة في السياسة"، أن يرد بأن الهوية الأمازيغية تشمل كل المغاربة وأن الحزب مفتوح لكل المواطنين والمواطنات، وأن الحزب لا يميز بين المواطنين على أساس العرق أو اللغة أو القناعة الهوياتية.

ضرورة تأسيس أحزاب سياسية أمازيغية
دفعت الهوية واللغة الأمازيغيتان ثمنا غاليا بسبب غياب سياسيين يدافعون عنهما في معتركات السياسة والإعلام والإدارة والبرلمان، مقابل جيش عرمرم من السياسيين المعادين لها من منطلقات إسلامية أو عروبية أو سلطوية. وهذه القصة تكررت مؤخرا حينما لم تجد الأمازيغية من يضغط لصالحها لدى محيط الملك وفي دهاليز السلطة خلال عملية كتابة الدستور.
لقد تأكد بالملموس المحسوس أن الأمازيغية هوية ولغة وقيما لن تحصل على الإعتراف الكامل والتنزيل الشامل إلا بنزول أحزاب أمازيغية إلى معترك السياسة ووصولها إلى تدبير الجماعات المحلية والجهات والمؤسسات العمومية ودخولها البرلمان والحكومة.
إن فساد المحيط السياسي المغربي وسيطرة النخب المخزنية والإقطاعية عليه وشيوع التزوير واستعمال المال وغيرها من الممارسات اللاديموقراطية ليست مبررات للإحجام عن المشاركة والتدافع والتنافس السياسي، بل إنها مبررات أقوى للمشاركة السياسية من أجل محاربة اللامساواة والظلم والفساد والتسلط، ومن أجل إحقاق حقوق الإنسان.
إن من يحجم عن المشاركة والدفاع عن قيمه ومبادئه يحكم على نفسه ومبادئه بالزوال والإندثار. والأمازيغية، هوية ولغة وثقافة وقيما، هي في طريقها إلى التدجين والتصفية على يد خصومها وأعدائها السياسيين الذين يراوغونها ويتجاهلونها حينا ويسخرون منها ويحطون من شأنها حينا آخر. فالأمين العام لحزب العدالة والتنمية أعلن أمام الملأ ما مضمونه أن معركة الأمازيغية لم تنته بعد (وهذا صحيح جدا) مؤكدا عزمه على مواصلة سياسة حزبه تجاهها فيما يتعلق بمسألة الحرف وتفعيل الترسيم. بعبارة أخرى، خصوم الأمازيغية عازمون على قتالها في حلبة الملاكمة البرلمانية، شبرا شبرا، حرفا حرفا. فمن سيدافع عنها في البرلمان؟!
هل يمكن ائتمان حزب العدالة والتنمية أو حزب الإستقلال أو الأحزاب الأخرى على الأمازيغية في البرلمان حينما ستبدأ مناقشة "القانون التنظيمي" المعلوم وغيره من القوانين؟
هل يمكن ائتمان ذئاب على قطيع غنم؟
ألا يعلم القاصي والداني أن بعض الأحزاب والجهات ستبذل مجددا أقصى ما في قوتها لفرملة تقدم الأمازيغية وتعطيلها وتحجيمها ومحاصرتها في البرلمان وخارجه؟
وما الذي يمكن للجمعيات الثقافية والحقوقية الأمازيغية فعله أمام هذه الحقائق المؤكدة؟ إصدار بيانات إنترنيتية شديدة اللهجة؟ الشجب؟ الإدانة؟ مزيد من المطالب؟
ذلك العمل الثقافي والحقوقي الأمازيغي الذي دأب عليه الناشطون الجمعويون، رغم قيمته في حد ذاته، لم يكن يؤثر على الدولة ولا على الأحزاب إلا قليلا. ولهذا السبب لم تدخل الأمازيغية الدستور إلا في عام 2011 رغم الحناجر التي بحت من كثرة الخطابة والأقلام التي جفت من كثرة الكتابة عبر عقود طوال.
إن ما يؤثر على السلطة هو النزول إلى الشارع والنزول إلى معترك السياسة. وما يخيف السلطة هي الجماهير الجرارة الغاضبة التي تدك الشوارع دكا، والأحزاب التي تتحد مع الجماهير ولا تلعب لعبة السلطة القذرة.

قوة الشارع تفعل العجب العجاب
حينما نقول أن الملك مازال يمسك بمعظم السلطات فهذا صحيح على مستوى جهاز الدولة وعلى مستوى الدستور. أما خارج مؤسسات الدولة ودوائر السلطة فإن الشارع يمسك بزمام المبادرة في كل وقت.
لقد تحقق للأمازيغية في ظرف بضعة شهور بعد تاريخ 20 فبراير ما لم يتحقق لها في 55 عاما بعد الإستقلال. هذه هي القوة الخارقة للشارع. هذه هي القوة الخارقة للمشاركة الشعبية المكثفة.
على مستوى آخر تمكن كل من حزب الإستقلال وحزب العدالة والتنمية من الضغط بقوة على محيط القصر للتراجع عن المساواة بين اللغتين العربية والأمازيغية، ولإقبار الدولة المدنية، في غياب أحزاب قوية تدافع عن الأمازيغية والدولة المدنية. هذه هي القوة الخارقة للنشاط الحزبي الممنهج والتعبئة الحزبية المحكمة والتي بدورها تنبع من تعبئة الشارع.

الأمازيغية من الشارع والجمعية.. إلى البرلمان والحكومة
لقد حان الوقت لتأسيس أحزاب سياسية أمازيغية تستجيب للشارع وتعكس التنوع الثقافي والفكري الأمازيغي اليساري واليميني، الحداثي والتقليدي. حان الوقت الآن أكثر من ذي قبل ليتحول النضال الأمازيغي الثقافي والحقوقي إلى نضال أمازيغي سياسي، يتبنى مفهوما أمازيغيا مجتمعيا حضاريا شاملا يشمل الهوية واللغة والتنمية والتعليم ونشر ثقافة حقوق الإنسان، من أجل بناء الدولة المدنية الديموقراطية ومجتمع العلم والحقوق.
dimanche 3 juillet 2011 by محمد الرزوقي

إذا كان التقويم الميلادي قد ابتدأ مع ميلاد المسيح عليه السلام، والتقويم الهجري قد ابتدأ مع هجرة الرسول (ص) من مكة إلى المدينة، فإن التقويم الأمازيغي قد ابتدأ مع
حدث تاريخي هام يتمثل في انتصار الملك الأمازيغي "شيشونغ" على الفراعنة في فترة حكم رمسيس الثاني، وذلك قبل 950 سنة من بداية استعمال التقويم الميلادي، إذ كان الفراعنة قبل هذا التاريخ ينظمون هجمات متكررة على بلاد الأمازيغ للاستيلاء على خيراتهم ونهب ثرواتهم.

يعتبر التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مر العصور، إذ استعمله الأمازيغ منذ 2959 سنة، وبخلاف التقويمين الميلادي والهجري، فإن التقويم الأمازيغي لم يكن مرتبطا بأي حادث ديني أو تعبدي... بل كان مرتبطا بحدث تاريخي، فبعد انتصارهم على الفراعنة دأب الأمازيغ على الاحتفال كل سنة بذكرى هذا الانتصار التاريخي واعتبروا يوم الانتصار رأس كل سنة جديدة. وتشير بعض الدراسات إلى أن التقويم الأمازيغي مرتبط بالطبيعة، إذ يعتبر بعض الباحثين أن أول يوم في السنة الأمازيغية هو يوم يفصل بين فترتين، فترة البرد القارس وفترة الاعتدال، كما يعتبر البداية السنوية للإنجاز الحقيقي للأشغال الفلاحية (من هنا تسمية اليوم الأول من السنة الأمازيغية برأس السنة الفلاحية)، ويعتبرون أن احتفال الأمازيغ برأس كل سنة يؤكد على ارتباطهم بالأرض التي عشقوها دوما ويكرس فهمهم الخاص للحياة، إذ الملاحظ أن القاسم المشترك بين مختلف العادات والطقوس التي تقام خلال رأس السنة الجديدة هو ارتباطها بالأنشطة الفلاحية من زراعة وغرس للأشجار وتربية للماشية، مما يعكس علاقة هذا اليوم بانطلاق الموسم الفلاحي، وحضور التبرك والاستبشار بموسم فلاحي جيد يجلب الخير والرخاء للجميع.

ورغم قلة الأبحاث والدراسات التي أنجزت حول هذا الموضوع ومهما يكن أصل هذا الاهتمام، فإن الأمازيغ اعتبروا ولا زالوا يعتبرون رأس كل سنة أمازيغية جديدة يوما متميزا في حياتهم، فهو يمثل نهاية مرحلة والشروع في مرحلة جديدة يأملون أن تكون أفضل من سابقتها. لذلك دأبوا على الاحتفال بحلول كل سنة جديدة، وذلك في الفاتح من شهر "ين أيور"، الذي يصادف 13 يناير من السنة الميلادية. ولا زال العديد من الأمازيع عبر مختلف ربوع تامزغا (بلدان شمال إفريقيا) يحتفلون برأس السنة الأمازيغية، وأصبحت المناسبة فرصة للعديد من الهيئات المدنية في تنظيم مختلف أنواع الأنشطة الثقافية والترفيهية... وفرصة للتذكير بمواقفها وبمطالبها العادلة والمشروعة، خاصة مطالبها الأساسية المتمثلة في الاعتراف الدستوري بالأمازيغية لغة رسمية والاهتمام بثقافة الأمازيغ وتاريخهم وحضاراتهم، وفي جعل اليوم الأول من كل سنة جديدة (13 يناير حسب التقويم الميلادي) يوم عطلة للجميع نظرا لما تزخر به هذه المناسبة من دلالات عميقة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العيد لم يسبق له أن نال اعترافا رسميا من قبل الدولة، كما هو الشأن بالنسبة لرأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.

الشهر الأول في السنة الأمازيغية يسمى "ين أويور"، وهي كلمة مركبة من " ين" أي واحد و "يور" أي الشهر، أما اليوم الأول فيسمى"ءيخف ن أسكاس" أي رأس السنة، وأما ليلة السنة الجديدة فتسمى"ءيض ن أسكاس" وهي كلمة مركبة من "ءيض" وتعني الليلة وأسكاس وتعني السنة، ويطلق عليها كذلك "أذاف أسكاس" أي دخول السنة الجديدة أو "ءيض ن نير" أي ليلة يناير أو أمغار أو الحاكوز أو حكوزة( العجوزة و يقصد بها الليلة الأخيرة من السنة المنصرمة).

تختلف طقوس وعادات وتقاليد الاحتفال بالسنة الأمازيغية داخل بلدان شمال إفريقيا من منطقة إلى أخرى، بل نجد أن هذه العادات والتقاليد تختلف حسب الجهات المكونة لبلد واحد. ففي المغرب ورغم اختلاف الاحتفال من منطقة إلى أخرى نجد هناك تقليد مشترك بين جميع المناطق، ويتمثل في قيام النساء في اليوم الأخير من السنة المقبلة على نهايتها على إعداد وجبات أكل خاصة تتفاوت مكوناتها من جهة لأخرى.

في الأطلسين الصغير والكبير بتبادل السكان خلال هذا اليوم التهاني والتحيات، وغالبا ما يكون الاحتفال مشتركا بين الأقارب والجيران الذين يمارسون بشكل جماعي فقرات من الرقص والغناء، وتطبخ النساء شربة "ؤركيمن" التي يستعمل فيها جميع أنواع الحبوب والقطاني التي أنتجتها الأرض خلال تلك السنة، ويحرصن على الانتهاء من طهيها قبل غروب الشمس، وذلك قصد توزيع جزء منها على أطفال القرية أو الحي، هؤلاء الذين يطوفون على البيوت مرددين بصوت واحد ( ؤوركيمن، ؤوركيمن، ؤوركيمن...)، وتعتبر هذه الشربة من الوجبات الضرورية التي يجب على كل أسرة أن تتناولها في ليلة رأس السنة مع ترك الاختيار طبعا في أن تضاف إليها وجبات أخرى حسب إمكانيات كل أسرة... ومن الراجح جدا أن هذه الشربة هي التي تطورت لتصبح شربة – الحريرة- التي يكثر المغاربة في شربها حاليا خاصة خلال شهر رمضان، كما يستهلك السكان بهذه المناسبة كميات كبيرة من اللحوم خاصة لحوم الدواجن التي تذبح عند عتبات المنازل لصد جميع أنواع الشرور التي قد تصيب الإنسان، كما يتم إعداد طعام الكسكس من دقيق الشعير ومن جميع أنواع الحبوب والخضر المعروفة في منطقة الأطلس، كما توضع فوق الموائد أطباق تقليدية " إينوذا" مليئة بالفواكه الجافة من لوز وجوز وتين وزبيب... وتعمل النساء على تنظيف البيوت وتزيينها، ويضع الرجال قصبا طويلا وسط الحقول حتى تكون الغلة جيدة وتنمو بسرعة، فيما الأطفال يقومون بقطف الأزهار والورود ووضعها عند مداخل المنازل وبتغطية أرضية حظائر الحيوانات الداجنة بالأعشاب الطرية. ويرتدي الجميع ملابس جديدة، وتحلق رؤوس الصغار وتعهد ظفيرتهم.

في قبائل دادس وإيمغران وتدغت وأيت عطا على سبيل المثال، تقوم النساء يإعداد طبق كسكس يسقى من مرق مكون من اللحم وسبع خضر أو أكثر، يضعن فيه نوى تمر واحد، يعتقدن أن من يجد هذه النوى أثناء الأكل سيكون سعيدا ويعتبر المحظوظ والمبارك فيه خلال السنة. ومن الأقوال المأثورة أيضا عند سكان هذه القبائل أن من لم يشبع من الطعام في ليلة رأس السنة فإن الجوع سيطارده طيلة تلك السنة. ومن جملة هذه المعتقدات كذلك أنه إذا أمطرت السماء في تلك الليلة أو في اليوم الأول من السنة الجديدة، فإن الأمطار ستنزل بغزارة خلال هذه السنة وسيكون الموسم الفلاحي جيدا وتكون المحاصيل الزراعية مهمة.


أما في منطقة حاحا فإن النساء يقمن خلال ليلة رأس السنة بوضع ثلاث لقمات قبل النوم في سطوح المنازل، ورقم ثلاثة يرمز إلى الشهور الثلاثة الأولى من السنة: يناير، فبراير و مارس، واستدرارا للمطر يرشن من بعيد المكان الذي وضعت فيه اللقمات بشيء من الملح، وفي الغد يقمن بتفحص هذه اللقمات، ويعتقدن أن اللقمة التي سقط عليها الملح تحدد الشهر الذي سيكون ممطرا.

أما ساكنة المغرب الشرقي فتولي أهمية بالغة لحلول السنة الأمازيغية الجديدة، إذ يتم الاحتفال برأس السنة بشكل كبير على غرار باقي الأعياد الدينية ويتم خلالها تبادل الزيارات والتباريك والتهاني بين أفراد العائلة التي يتجمع أغلبها في جو احتفالي يبدأ الإعداد له بأسبوع تقريبا، وتعج أسواق المنطقة بمختلف الفواكه الجافة كالجوز واللوز والزبيب والفول السوداني (كاوكاو – قاويت)... التي يتم خلطها داخل نفس الكيس، إضافة إلى حلويات من مختلف الأنواع (ويشتهر منها النوع المعروف بالكعك) وتباع بأثمنة مناسبة. ويتم إعداد وجبة عشاء: "بركوكش" الذي يفتل ويصنع يدويا من دقيق الشعير وأحيانا من القمح ( أبرابر – أفرفور) وتخلط معه القطاني والحلبة والطماطم والقزبور واللحم الذي يكون في الغالب دجاجا. وتقدم طيلة اليوم الفواكه الجافة للضيوف مع الشاي، وفي بعض المناطق يتم ترك حصة من العشاء في الهواء الطلق تحت القمر تبركا بالموسم الجديد.

إضافة إلى ما سبق، فإن سكان منطقة فكيك يحضرون ما يسمونه "الكليلة" وهو لبن يتم تجفيفه محليا في مواسم وفرة الحليب، إذ يحول إلى حبوب تشبه الحصى، وخلال احتفالات رأس السنة يصبون الماء على هاته الحبوب ويصنعون منها لبن الكليلة الذي يوزع على الضيوف وأفراد العائلة، وغالبا ما يوزع إلى جانبه اللبن الطري إذا توفرت عليه العائلة يوم رأس السنة.

وبالريف وتحديدا بقبيلة إبقوين فيخصص يومين للاحتفال بقدوم السنة الجديدة: ففي اليوم الأول الذي يصطلحون عليه بالريفية: بـ "أس نثشاريت إينوذا" (أي يوم ملء الأطباق الكلاسيكية المصنوعة بالحلفاء، وإينوذا جمع أندو أو ثندوت) حيث تملأ هذه الأخيرة بجميع أنواع الفواكه الجافة التي يملكونها أو التي يعمدون إلى شرائها قبل يوم الاحتفال( اللوز– ثيموياز– التين اليابس – الزبيب- الحمص، الفول...) وتقوم النساء بصنع كميات كبيرة من الفطائر ( المسمن و البغرير)، ويتوزع صبيان القرية إلى مجموعات، ويطوفون على بيوت الدوار مرددين عبارة: يانوب– يانوب... فتعمد النساء إلى إعطاء كل مجموعة نصيبها من الفواكه الجافة والفطائر، وقد يقفون أمام منزل يأوي عروسين حديث الزواج، فيرددون العبارات التالية:
يانوب، يانوب *** أثسريث أنع انجذيذ *** أوشانا شواي نتريذ *** نيغ أم نعرض ذ كوبريذ.
ومعناها بالعربية: يانوب يانوب، يا عروستنا الجديدة، أعطينا شيء من الفطائر، وإلا فسنعترض طريقك.
وعندما ينتهي الصبية من الطواف على المنازل، يجتمعون فيما بينهم في المساء، حيث يقومون بتوزيع ما جمعوه فيما بينهم. وفي اليوم الثاني: تقوم النساء بإعداد وجبة عشاء مميزة، غالبا ما تكون عبارة عن دجاج بلدي...


وفي قبائل أيث ورياغل – أيث تمسمان – أيث وليشك – أيث توزين – إقرعيين – أيث سعيد... فإن عادات الاحتفال تكاد تتشابه فيما بينها، إذ يتم توفير بعض الفواكه الجافة وخاصة التين والزبيب وإعداد وجبات من الحبوب والقطاني مثل: ثيغواوين أو تيموياز التي يتم إعدادها بتحميص القمح أو الشعير ووجبة إمشياخ التي تجمع بين القطاني كالعدس والفول والجلبان والحبوب وخاصة الذرة والقمح إضافة إلى الثوم، كما يتم إعداد وجبة البقول إغديون أو إوذب حسب إقرعيين وذلك من النباتات التي تكون موجودة في فترة الاحتفال. أما في وجبة العشاء التي تعتبر أساسية فيتم إعداد عدد كبير من الرغايف أو ثاغيفين أو رمسمن وكمية مهمة من التريد وهو نوع من الرغائف الرقيقة والدائرية والتي يتم طهيها على الترادة التي تكون عبارة عن قدر / أقتوش ( تشبه في طهيها طريقة إعداد ما يسمى بالورقة الخاصة بالحلويات)، كما يتم ذبح ديك بلدي وطبخه في المرق الكثير دون فواكه، ويتم تقطيع مختلف الرغائف التي تم إعدادها في حصن أو قصعة كبيرة لإعداد أبون أو أرفيس ويصب عليها الدجاج المطبوخ بمرقه ولحمه. وإلى هذه الوجبات تضاف في بعض المناطق كتمسمان وأيث توزين، بعض الفواكه الطرية الموجودة والبيض المسلوق الذي يوضع فوق الرفيس. أما في قبيلة أيث ورياغل فيمكن ذبح أكثر من ديك إذا كانت العائلة ميسورة ويوضع إلى جانب المأكولات السابقة الذكر اللبن وخاصة لبن الماعز الذي يكون في هذه الفترة من السنة بخلاف حليب الأبقار الذي لا يتوفر بكثرة عند حلول السنة الأمازيغية
.
by محمد الرزوقي
ابراهيم أمكراز:
يبدو أن الوثيقة الدستورية المرتقبة للمغرب قد تكشف لنا العديد من الأمور قبل وأثناء وبعد صدورها، ولعل أهم الأمور التي ستستوقف الكثيرين خلال هذه الأزمنة الثلاثة، دسترة الأمازيغية كلغة رسمية، هذه النقطة التي كانت محل جدال وجدال داخل لجنة المنوني حتى بلغ الأمر ببعضهم اقتراح أن ترفع إلى التحكيم الملكي بدل إبداء اللجنة الرأي فيها، حدة هذا الجدال ستزداد بعد كشف الخطوط العريضة لمسودة الدستور في لقاء جمع المنوني والمعتصم بالأحزاب السياسية وبعض النقابات، مباشرة بعد عرض هذه الخطوط تعالت الأصوات التي رأت في دسترة الأمازيغية لغة رسمية مساسا باللغة العربية، بل وحاول بعضهم أن يجعل الأمر مساسا بالدين الإسلامي كذلك، لكن أبرز ما استوقفني خلال هذا الأخذ والرد هو حقيقة مغربنا وحقيقتنا كشعب مغربي، يبدو أن شعارات السلم والتعايش وقبول الآخر كلها تتبخر حينما تكون الذوات على المحك، اكتشفت أن من يرفعون كلنا مغاربة وأن المغرب بلد السلم والتعايش، إنما هم كذلك لأننا صامتون لا نطالب بحقوقنا، يرون في مساواتنا معهم تفوقا عليهم، ويرون في سموهم علينا مساواة وعدالة، إن بالمغرب اليوم أصوات عنصرية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تكدست في أعينهم دونية الإنسان واللغة والهوية الأمازيغيتين، أنعشها الإعلام والتعليم المخزني ووفر لها كل شروط التوغل إلى أعماق الأفراد والمجموعات.
وما زاد الطين بلة أن تخرج أحزاب بكل وقاحة معلنة في بياناتها أو على الإعلام العمومي تعلن وتخاطب الشعب بأن لغته الأمازيغية ليست سوية كي ترتقي إلى مستوى اللغة الرسمية للبلاد، وهي نفس العقلية التي أنتجت ميثاقا لا وطنيا في التعليم يجعل فيه الأمازيغية خادمة للعربية، ويبدو أن العديدين في هذا المغرب لا يريدون الامازيغ ولغتهم سوى خادمين.
أيها الأمازيغ لقد عشنا ولازلنا نعيش عيشة العبيد ونحن الأحرار، أيها الأمازيغ لقد عشتم ما يكفي من القهر والإقصاء والنعوت الموجعة والتدنيس للكرامة الإنسانية التي هي أعز ما نملك، لقد وصفتم بأبناء الصبليون في الحسيمة وإيت باعمران/إفني، وأنتم من حارب الصبليون والفرنسيس حينما كان من يتلذذ الآن بثروات المغرب ويستحوذ على قراراته السياسية، يحتفل في قصور فاس ومقرات الإقامة العامة مع قادة الجيوش الغازية كلما تعثر مولاي محند أو عسو أوبسلام وثوار أيت باعمران…
 أيها الامازيغ لقد وصفتم بالشلح والكربوز واضطررتم للتحدث بغير لغتكم وكان الانتماء عقدة الذات بدل أن يكون اعتزاز النفس، أيها الأمازيغ لقد قدمكم الإعلام الرسمي في اسوء الصور.
ايها الأمازيغ حان الوقت لإعادة الاعتبار لنا أولا وللغتنا ولهويتنا، آن الأوان أن ننتصر آن الأوان أن نكون أو لا نكون.
شخصيا لا أتصور نفسي أعترف بوثيقة دستورية تجعلني مواطنا من الدرجة الثانية، أو دستورا يتجاهلني، من لا يعترف بي مرة سأنكره ألف مرة، لا يمكنني أن أعترف في نفس الوقت بمؤسسات وبنود وقوانين تفرزها هذه الوثيقة الدستورية حتى أكون منسجما على الأقل مع ذاتي.
by محمد الرزوقي
لقد تم حسم مسألة حرف كتابة اللغة الأمازيغية سنة 2003 لما أدمجت في المدرسة العمومية بالشكل الذي يعرفه الجميع. وها هي أصوات تعيدها اليوم إلى حلبة النقاش بمناسبة مراجعة الدستور الذي اعترف بالأمازيغية لغة رسمية. من بين هذه الأصوات من يتجرع مرارة دسترة الأمازيغية وهو ينتظر القانون التنظيمي لمراحل تفعيل طابعها الرسمي كما نص عليه الفصل الخامس من مشروع الدستور الجديد.
من ذلك ما جاء على لسان السيد عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية في المهرجان الخطابي لفعاليات الإصلاح الديمقراطي المنظم بالرباط يوم 19 يونيو 2011. من بين ما قاله الخطيب أن وضع سؤالا على الحضور اعتبر أن الجواب عنه سيأتي في إطار مناقشة القانون التنظيمي المذكور أعلاه. يقول السؤال ما معناه : هل سنكتب الأمازيغية بحروف تشبه “الحروف الصينية” أم بحروف عربية كهذه (مشيرا إلى تلك التي كتبت بها بعض لافتات المهرجان الخطابي)؟
من الظاهر أن السيد عبد اإله بنكيران يجهل كل شيء عن هذه “الحروف الصينية” التي يتكلم عنها. فليسمح لنا أن نعطيه نبذة حول الكتابة الأمازيغية التي سيكون لها مستقبل في المغرب كما كان لها ماض عريق. فهذه الكتابة تعرف عند المتخصصين بالكتابة الليبية Libyque  أو الليبية-الأمازيغية Libyco-berbère  أو حرف تيفيناغ وهو الأكثر تداولا اليوم. ومنذ أن اكتشفت أولى شواهدها المنقوشة على الحجر في القرن السادس عشر الميلادي و تم التعرف على استعمالها عند قبائل الطوارق في الصحراء الكبرى ربط كثير من الباحثين أصولها بمناطق مختلفة من المعمور كما كان الأمر تماما بالنسبة للأمازيغ أنفسهم. ومن أسباب ذلك النظرة الاستعمارية لشمال إفريقيا السائدة حينئذ بين باحثين أغلبهم أجانب وكذا كون دول شمال إفريقيا بعد الاستقلال لم تعر أدنى اهتمام لهذا الجانب من تاريخها وتراثها بالبحث والتنقيب, بل على العكس, تم إقصائها تماما من برامج جامعاتها ومراكز بحثها ومدارسها. لهذه الأسباب لم يكن غريبا أن تقترح أصول أجنبية مصرية قديمة وفينيقية وإغريقية وعربية جنوبية للكتابة الأمازيغية.
لكن في نهاية القرن العشرين، اهتدى ثلة من الباحثين الغيورين بفضل إمكانياتهم الخاصة إلى أن الكتابة الأمازيغية ترتبط أشد الارتباط بالفن الصخري المنقوش والمصبوغ على الحجر وفي الكهوف والمغارات والمتواجد في كافة بقاع شمال إفريقيا جبالها وصحاريها كتدرارت أكوكاس بليبيا وتاسيلي وأهݣارو الأطلس الصحراوي بالجزائر وأيروأزواد بمالي والنيجر والهضاب الشرقية والأطلس الكبير والصغير والمناطق الصحراوية وشبه الصحراوية بالمغرب وصحراء موريتانيا، بل وجزر الكناري في المحيط الأطلسي. ومن هؤلاء الباحثين مليكة حشيد وسالم شاكر وسليمان حاشي بالجزائر وأحمد سكونتي والمصطفى نامي وعبد الخالق لمجيدي بالمغرب. ومن جميل الصدف أن كان أول كتاب طبعه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2003 كتابا حول أصول الكتابة بالمغرب للباحثين المغاربة الثلاثة المذكورين أعلاه و تزامن صدوره مع اعتماد حرف تيفيناغ لكتابة اللغة الأمازيغية سنة 2004. وقد تبين لهؤلاء الباحثين أن كتابات تيفيناغ المنقوشة والمصبوغة على الحجر والمتناثرة على نطاق واسع في المغرب من الأطلس إلى الحدود الموريتانية انبثقت خلال نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد من خزان من العلامات والرموز المرتبطة بالفن الصخري والتي استمرت في تزيين منتوجات الثقافة المادية للمغاربة إلى اليوم من معمار ونسيج وحلي وأوان وأسلحة وغيرها. فالكتابة مثل تلك الرسوم الهندسية يمكن اختزالها في ثلاثة أشكال أساسية هي النقطة والمقطع والدائرة. وقد استعملت هذه الكتابة في الممالك الأمازيغية ما بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الثاني أو الثالث بعد الميلاد. وبينما انقرضت لأسباب مجهولة حوالي القرن الرابع أو الخامس الميلادي استمر استعمالها وتوارثها لدى قبائل الطوارق الأمازيغية حتى اليوم.
كل ذلك موجود في كتب الباحثين التي يجهلها الجمهور العريض لقلة انتشارها وكتاباتها بلغات أجنبية وعدم تشجيعها من طرف دول شمال إفريقيا منذ عقود. ومع ذلك، فإن يدلي أمين عام حزب كبير لديه من الإمكانيات المادية والبشرية ما يمكنه من الوصول إلى هذه الحقائق التاريخية لهو أمر غير مقبول.  يبدو أن السيد بنكيران ومن يحدو حدوه قليل التجدر في تربة هذه البلاد لدرجة تجعله يستهزأ بكتابة تيفيناغ التي تعد تراثا لسكان شمال إفريقيا عموما والمغرب خاصة تم إهمالها لقرون. واليوم وشرائح واسعة من المواطنين يطالبون برد الاعتبار إليها يدركون أشد الإدراك ما لفقدانها من خطر على التراث الوطني ومن تقليص للتعدد الثقافي الذي تدعو له وتحميه اتفاقية منظمة اليونسكو لسنة 2005 والتي يستعد المغرب للمصادقة عليها.
يبدو كذلك أن هذا الخطاب يلعب على الوتر الشعبوي من خلال الاستهزاء بتيفيناغ وتشبيهها ب “حروف صينية”  والاستهزاء بكتابة حضارة قوية وعريقة كالحضارة الصينية المتشبثة بحرفها التاريخي كرمز لتجدرهويتها. ويفهم من المقارنة الرغبة في الإشارة إلى الفكرة الواسعة الانتشار والتي مفادها أن كل ما هو صيني هو بعيد وغريب وأن كتابتها ولغتها معقدة مع أن الناس يقبلون اليوم على تعلمها في الدار البيضاء لما تفتحه لهم من مستقبل مع العملاق الآسيوي. كما تلعب المقارنة على وتر الفكرة الشائعة حول نقص جودة “السلعة الصينية” لتضفي على كتابة تيفيناغ  نفس الخاصية  أو ما شابهها.
يمكن تفهم أن تبدو كتابة تيفيناغ مثيرة للدهشة لدى كثير من المغاربة ولو أنها ولجت تدريجيا المدرسة العمومية منذ 2003 واليوم لها حضور في التلفزة. لكن من المجانب للصواب ربط ذلك بالكتابة نفسها وليس بخيارات الدولة المغربية منذ الاستقلال من خلال إبعاد الأمازيغية وكتابتها التاريخية من التعليم والأعلام والحياة العامة. وما يدحض هذا الرأي يتمثل في السهولة القصوى التي يتعلمها بها التلاميذ الذين كان لهم هذا الحظ منذ 2003, سهولة يمكن تفسيرها, من بين عوامل أخرى، بكون تيفيناغ كتابة سهلة يتقابل فيها صوت واحد بحرف واحد دونما حاجة إلى شكل أو حركات أو علامات زائدة. كما أن اعتماد تيفيناغ سيحفظ المجهود المالي والبشري والعلمي الذي يخصصه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية منذ سنوات لتقعيد اللغة الأمازيغية باستعمال كتابتها التاريخية. وقد مكنت هذه المجهودات كما هو معلوم من إدماج حرف تيفيناغ في المعلوميات  والأنترنيت باعتماد واعتراف المنظمة الدولية للمعيرة ISO-UNICODE منذ 2004.
وأخيرا، فإن وضع كتابة تيفيناغ في سياقها التاريخي  والثقافي يسهل فهمها وتبنيها من طرف عموم المغاربة. هذه كتابة موجودة حولهم شديدة الارتباط بثقافتهم المادية في المعمار التقليدي والحلي والوشم والأواني الخشبية والمعدنية وغيرها. ويكفي الانتباه لذلك كي نعترف أن هذا الحرف يضفي تميزا وتفردا على المغرب كما هو الحال في الدول التي احتفظت بأبجدياتها أو أحيتها كاليابان والصين واليونان والهند وأرمينيا وإسرائيل وغيرها.
أحمد سكونتي
أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار و التراث
by محمد الرزوقي
فتح ورش تعديل الدستور وفتحت معه عدة ملفات للنقاش الفكري والسياسي. ومن بين الملفات المفتوحة للنقاش ملف السياسة اللغوية وخاصة ما تعلق باللغة الأمازيغية.
وشكل موضوع دسترة الأمازيغية من عدمه مجالا لتباين الرؤى والمواقف فضلا عن طبيعة تلك الدسترة بين جعلها لغة رسمية أو جعلها فقط لغة وطنية.
لتسليط الضوء على هذا الموضوع اخترنا أحد الوجوه الأمازيغية وفاعل في المجال اللغوي، وهو القيادي الإسلامي المعروف بقناعته بضرورة دسترة الأمازيغية كلغة رسمية الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية.

العثماني أكد في هذا الحوار أن أهم الأسس التي يرتكز عليها دعاة دسترة الأمازيغية كلغة وطنية، اعتراف بأقدم مكون من مكونات الهوية الوطنية. وهو أيضا اعتراف بواقع لا يمكن الاستمرار في إنكاره. وبالتالي فإنه، حسب العثماني، من الضروري أن يعكس الدستور هذا التعدد في مكونات الهوية الوطنية، مضيفا أنه لا يمكننا الحديث عن الديمقراطية وفي نفس الوقت نقصي الأمازيغية ثقافة ولغة عن الاعتراف الدستوري بها.


كيف تقرؤون مطالب اعتماد الامازيغية لغة رسمية للبلاد؟

إنه مطلب قديم نسبيا للحركة الثقافية الأمازيغية، وقد ازداد المطالبون به مع ظهور فشل إدماج الأمازيغية في التعليم، على اعتبار أن عدم وجود مقتضيات دستورية وقانونية تجعل المسؤولين في حل من الالتزام بأي برامج في هذا المجال. وقد ظهر فعلا أن هناك من لم يهتم بإنجاح ورش تعليم الأمازيغية واعتبره عبئا لا واجبا وطنيا.

في اعتقادكم ما هي الأسس التي يعتمدها دعاة الدسترة؟

أهم تلك الأسس أن الأمازيغية لغة وطنية، تحدث بها المغاربة منذ حوالي ثلاثين قرنا، فدسترتها اعتراف بأقدم مكون من مكونات الهوية الوطنية. وهو أيضا اعتراف بواقع لا يمكن الاستمرار في إنكاره، واقع وجود وعمق الثقافة الأمازيغية في بلدنا. وبالتالي فإنه من الضروري أن يعكس الدستور هذا التعدد في مكونات الهوية الوطنية.

ومن تلك الأسس أيضا لا يمكننا الحديث عن الديمقراطية وفي نفس الوقت نقصي الأمازيغية ثقافة ولغة عن الاعتراف الدستوري بها. فالانتقال الديمقراطي المنشود في مغرب اليوم لن يكون سليما وحقيقيا إلا بإقرار البعد الأمازيغي في الدستور والاعتراف فيه باللغة الأمازيغية لغة رسمية باعتبارها مرتكزا رئيسيا في الثوابت الوطنية وجزءا أصيلا وأساسيا من الشخصية المغربية ورافدا من روافدها تاريخيا وثقافيا ولغويا. من تلك الأسس أيضا أن غياب السند الدستوري هو من بين الأسباب الرئيسة لعدم إعطاء الأمازيغية مكانتها ثقافيا وتعليميا وإعلاميا ولغويا حتى الآن، ولعدم نجاح كثير من برامج النهوض بها.


كثيرة هي الدول التي تعتمد أكثر من لغة رسمية لبلدانها لكن هذه اللغات تكون جهوية وتتفق على أن اللغة الرسمية واحدة كيف ترون هذه التجارب كالمطبقة في الهند وإسبانيا؟

الدول التي تتوفر على أكثر من لغة رسمية واحدة كثيرة جدا تبلغ العشرات عبر العالم. لكن تجاربها متنوعة. فهناك فعلا بلدان نصت في دساتيرها على أكثر من لغة رسمية، لكن أقرت بعضها بوصفها لغات جهوية. وذلك مثل إسبانيا حيث اللغة الكتالانية رسمية في إقليم كاتالونيا فقط. وهناك نموذج آخر في بلجيكا حيث للدولة ثلاث لغات رسمية هي: الهولندية والفرنسية والألمانية. وتشير الإحصائيات إلى أن 60% من البلجيك هم من الناطقين بالأولى، و 40% من الناطقين بالثانية بينما ليس هناك اليوم إلا حوالي 1% من الناطقين بالألمانية. وهذا معناه أن هناك عناية بدسترة حتى اللغة التي ينطق بها عدد ضئيل جدا من المواطنين. والأمر غير الصحي في التجربة البلجيكية هو أن الدستور ينص صراحة على أن هناك أربع مناطق لغوية هي: المنطقة اللغوية الهولندية (=الفلامانية)، المنطقة اللغوية الفرنسية، منطقة بروكسيل العاصمة المزدوجة اللغة (فرنسية-هولندية)، والمنطقة اللغوية الألمانية. وعلى الرغم من أن اللغات الثلاثة لغات رسمية متساوية على المستوى الفدرالي، إلا أن كل واحدة منها لغة رسمية وحيدة في منطقتها الرسمية. وهذا ما أدى إلى الصراعات المعروفة بين المنطقة الفلامانية الناطقة بالهولندية، والمنطقة الوالونية الناطقة بالفرنسية.

لكن هذا النموذج للغات رسمية مركزيا والمنفصلة من حيث امتدادها الجغرافي محليا ليس هو الأصل في تعدد اللغات الرسمية. فدستور جنوب إفريقيا ينص على أحد عشر لغة رسمية، لكنه يفرض بالنص الصريح على الحكومة الوطنية والحكومات المحلية استخدام اثنتين على الأقل من تلك اللغات.


وهناك في كندا لغتان رسميان هما الانجليزية والفرنسية. وتنص المادة 16 من الدستور على أن لهما وضعية وحقوق وامتيازات متساوية من حيث استعمالهما في مؤسسات برلمان كندا وحكومتها.


إن وفرة التجارب الدولية في هذا المجال مفيد جدا لأنه سيمكننا من أن ننسج نموذجنا الخاص بالاستفادة منها. ومن هنا أقول إن بعض الاقتراحات التي تريد أن تجعل الأمازيغية لغة في بعض الجهات ـ إضافة إلى كونه مجافيا لحقيقة أن الأمازيغة في المغرب ليست محصورة في جهات بعينها، ولحقيقة أنها اللغة الأصلية للمغاربة ـ فإنها تمتاح من نماذج تعيش اليوم إشكالات قاسية في التدبير اللغوي والسياسي، ذهبت في بعضها إلى بروز خطر الانقسام والتفتت.


فلا مناص من التنصيص دستوريا بأن للمغرب لغتين رسميتين على مستوى الوطن. ولتجاوز إشكالات تدبير هذه الثنائية، اقترحت أثناء مناقشة الموضوع في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن يضيف النص الدستوري بأنه يصدر قانون تنظيمي يحدد مقتضيات وإجراءات تنزيل ذلك.


ما الذي يمكن أن يترتب عن دسترة الامازيغية كلغة رسمية؟

أهم ما سينتج عنه هو إزالة الغبن الذي تشعر به شرائح واسعة من الأمازيغ، عندما يرون أن لغتهم على الرغم من أصالتها وطنيا، وعمق تجذرها في هذا الوطن منذ حوالي ثلاثين قرنا، وكون حوالي نصف المغاربة يتحدثون بها، فهي غير معترف بها دستوريا.

أما عمليا فستصبح الدولة بمختلف أجهزتها ملزمة بإنجاح أوراش النهوض بالأمازيغية. والجميع واع بأن كتابة جميع الوثائق الرسمية ومشاريع القوانين باللغتين ليس أمرا مطلوبا اليوم. لكن وضع الإجراءات لتنضج شروطه في المستقبل هو أمر مشروع من حيث المبدأ، فإن تطبيقه عمليا يحتاج إلى نقاش وطني تتبلور نتائجه لتضمن في القانون التنظيمي المذكور. لكن كيف يسمح بلغة أجنبية هي اللغة الفرنسية بأن يكون لها الجزء الأكبر من ذلك ولا يسمح بذلك، ولو في حدود، للغة الأمازيغية التي هي لغة وطنية؟


ومن هنا فإن الذين يدافعون عن دسترة الأمازيغية بوصفها لغة وطنية مجانبون للصواب. لأنها أصلا لغة وطنية، والتنصيص عليه في الدستور اقرب إلى العبث لأنه تحصيل حاصل. إضافة إلى أن ذلك لن يحل الإشكالات المرتبطة بالنهوض بها. وأغرب ما سمعناه من بعض المدافعين عن هذا الطرح أن الأمازيغية ليست لغة وإنما هي لهجات. وهذا مبني على تجاهل تاريخ الأمازيغية من جهة، وتجاهل حقيقة أن اللهجات الأمازيغية متقاربة فيما بينها، وأن كثيرا من اللغات المشهورة اليوم كانت لهجات فأخرجها أبناؤها من تلك الوضعية لتصبح لغة مكتوبة تصلح لتنقل العلم والمعرفة. وأنوه بجهود المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي بذل جهودا في هذا الاتجاه.